
بمواجهة سوق المجلس في شقراء التاريخية يقف بيت الشيخ علي بن عبد الله بن إبراهيم العيسى قاضي الوشم سابقا- رحمه الله- شامخاً شاهداً على التاريخ بعد أن أحياه وجدده الأستاذ خالد بن عبدالرحمن العيسى واخوانه أحفاد المؤرخ الجليل إبراهيم بن صالح العيسى، ليصبح معلماً من معالم التراث العتيق؛لم يتوان الباذل ؛ خالد العيسى في إضاءة البيوت السمراء حتى يوقن المستقبل أنها الحاضنة الوفية للماضي..يعيد إحياءها ويحيي معها ما بذلوه من أجل الوطن. عدة دور شملتها عملية الإحياء النبيلة ومنها دار المؤرخ إبراهيم بن عيسى في أشيقر التراثية ودور العيسى في شقراء ودار الشيخ علي بن عبدالله قاضي الوشم و مفتي الديار النجدية في زمانه. الدار بمثابة بيت منيف، فمساحته تصل إلى أكثر من 233 م2، وكان يُعرف قديما بأنه بيت نورة بنت فيصل آل سعود رحمها الله، ثم آلت ملكية هذا البيت بالشراء للشيخ علي بن عبد الله العيسى، وبعد وفاة الشيخ آلت ملكيته لسعود بن محمد بن عبد العزيز بن إبراهيم العيسى بالشراء من ورثته، وقد أوقف سعود بيته هذا على بعض ذريته. يقع البيت في وسط البلدة القديمة بشقراء، وكان محاطاً من جميع جهاته بمنازل مجاورة ما عدا زاويته الشمالية الشرقية فيوجد فيها ممر ضيق ومسقوف اسمه “سوق ملوي” يصل عرضه إلى مترين. أما صاحب البيت رحمه الله الشيخ الزاهد علي بن عبد الله العيسى قاضي الوشم ومفتي الديار النجدية، فقد ولد في شقراء عام 1249هـ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة فيها، وحفظ القرآن الكريم مبكراً ، وكان لصيقاً بالعلم منذ صغره، وصاحب همة عالية، وصبر ومثابرة في التحصيل العلمي، وتربى في بيت فضلٍ وعلم وشرف ودين، فعمه الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العيسى، من وجهاء شقراء وأهل الرأي، حيث انتدبه أهلها للتفاوض مع إبراهيم باشا حين وقع حصارها عام 1233هـ، وأميرا لشقراء بعد ذلك،. أما ابن عمه سعود بن عبد العزيز العيسى أمير القويعية، وابن ابن عمه محمد بن سعود العيسى (توفي عام 1340هـ) أمير شقراء، وحفيده عبد الله بن عمر بن علي العيسى (توفي عام 1410هـ) وهو أمير الجابرية بينبع النخل. ويورد الأكاديمي د. عثمان عبدالله الضويان عنه فيقول: هو علي بن عبدالله بن عيسى من آل علي من آل عطية من بني زيد ، ولد عام 1249هـ وتوفي رحمه الله عام 1331هـ ، وكان من كبار علماء زمانه، ولاه الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي قضاء جميع بلدان الوشم، وبعد انتهاء دور الدولة السعودية الثانية، وكان مرجعاَ لأهل الوشم في الفتيا والتدريس، كما كان له اهتمام بالأنساب وهو أحد العلماء الذين نسخوا النبذة الشهيـرة لجبر بن سيار في أنسـاب أهل نجد انتهى . وله رحمه الله عدة مؤلفات منها: حاشية على الروض المربع، شرح زاد المستقنع، وقد تم مناقشة رسالتين علميتين لباحثين من قسم الشريعة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بتلك الحاشية وقد نالا درجة الدكتوراه في الفقه عام 1440هـ، كما خلف وراءه أجوبة متعددة، وفتاوى كثيرة، ومكاتبات ومراسلات علمية بينه وبين معاصريه، وورد شيء منها في كتاب: (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) تحقيق الشيخ عبدالرحمن بن قاسم، وكتاب: ( المختار من مراسلات وفتاوى الشيخ علي بن عبدالله العيسى) للدكتور ناصر السلامة، وكتاب: ( من آثار علماء أشيقر) وهو من جمع وإعداد الأستاذ سعود اليوسف رحمه الله. وفي تعليقه على ذلك يقول عيسى بن عبد العزيز العيسى حفيد الشيخ علي بن عيسى: تم بحمدالله تعالى وبإشراف صالح وعبدالعزيز أبناء سعود العيسى ؛ اكتمال دار سماحة الشيخ علي بن عبدالله بن إبراهيم العيسى، قاضي شقراء وإقليم الوشم، رحمه الله تعالى، وتولى الإنفاق على إعادة بنائه وتأثيثه وطباعة كتابه مشكوراً الأستاذ خالد العيسى وإخوته أبناء العم عبدالرحمن بن سماحة الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح العيسى رحمه الله تعالى، وقد كان ذلك حلماً فأصبح حقيقه تزهو به شقراء ويزهو به أهلها وكل زائر لها، فهو حكاية تاريخ لقاضٍ عرف عنه الزهد والعلم والعدل في القضاء لأربعين عاماً متوالية، واتصف بالورع والتقى وهو صاحب العلم من أسرة آل عيسى من آل علي أبناء عطيه، من حمولة بني زيد القضاعية القحطانية في حاضرة نجد. وقد عُرف عن الاستاذ خالد بن عبدالرحمن العيسى، اهتمامه بإضاءة البيوت التراثية القديمة حيث يعيد إحياءها، ومن ذلك دار عمر بن علي بن حمد العيسى، وبيت أحمد بن عبد الله العيسى (المضبوط) وبيت الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الفوزان العيسى (المطوع) وبيت الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله العيسى (البيز)، ومن قبلها دار المؤرخ الجليل إبراهيم بن صالح العيسى في أشيقر التراثية وبإخلاصه وبتفانيه أصبحت تلك الدور تدب فيها الحياة من جديد، تماهيًا مع رؤية السعودية 2030.