حَلّ في ضيافة أميرها عبدالله بن عبدالعزيز آل سليمان..
قصة زيارة الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه- التاريخية إلى بلدة (نعجان) عام 1340 هـ.

بعد معركة الدلم الشهيرة عام 1320 هـ بين الملك عبدالعزيز وخصمه ابن رشيد والتي انتصر فيها المؤسس في أوّل مواجهة مباشرة بينهما، وهي المعركة الأولى من معارك توحيد هذه البلاد الغالية بعد استرداد الرياض، بعد هذه المعركة مباشرةً بايع أمير بلدة نعجان بالخرج عبدالله بن عبدالعزيز آل سليمان الملك عبدالعزيز هو وأعيان وأهالي البلدة، ورفضوا قبل ذلك مبايعة ابن رشيد الذي اتخذ وسائل الضغط والقوّة ليبايعوه.لكنهم أبوا، فعدّ عبدالعزيز رد ابن سليمان على ابن رشيد بالذكاء والدهاء وقال: بيّض الله وجهك يابن سليمان وين لقيت هالسياسة هذي، وفكّيت نفسك من ابن رشيد ومبايعته. قام الأمير ابن سليمان بدعوة الملك عبدالعزيز لزيارة نعجان فاعتذر الملك في البداية لكيلا يكلّف عليه سيّما وأحوال الناس تلك الفترة في ضعف و قلة مالٍ وزاد فقال آبن سليمان: ياطويل العمر النملة علّقت على خيل النبي سليمان عليه السلام، ونطلب منك تستعزم لنا، فقال الملك : أبشر وتم .. جعلك قوي يابن سليمان. زار الملك عبدالعزيز نعجان عام ١٣٤٠ هـ وفاءً بالوعد فاستقبله الأهالي خير استقبال واتجه إلى قصر الأمير (القصر) الذي لبس ثوب الزينة والفرح والفخر لاستقبال الضيف الكبير وبمعيّته بعض الأمراء وكبار الدولة، وبحضور أعيان ووجوه البلدة، وكان عُمر الملك عبدالعزيز عنده زيارته لنعجان ٤٧ عاما. نُصيت الخيام والمضلّات، وخُصص عريش كبير ليجلس فيه الملك عبدالعزيز بين القصر وبستانه، وبين شذى نعجان ونخيلها، وبين رعيّته وأبنائه، مع غرفةٍ أخرى كبيرة داخل القصر (الروشن) ضُيّف فيها عبدالعزيز. ومن طريف وجميل ما يُروى هنا أن الملك عبدالعزيز وأثناء تناوله مأدبة العشاء طلب من خدّامه أن يأتوا له بماء فكلما نظروا (قربةً) وجدوها #حليباً، وعددها يقارب 40 قُربة فقال عبدالعزيز: (يابن سليمان انقلب ماكم حليب ؟) فرد عليه : (كل شيء موجود ياطويل العمر) ثم جاءوا بالماء. ووجود الحليب بهذه الكميّة الكبيرة مع ضعف الحال هو من كبير كرم ابن سليمان وجماعته أهل نعجان. وذكر أحد الرواة أن الكثير من الحليب جلبه من إبل رفيقه وصاحبه (أبو وقيّان) وهو من أمراء (الغييثات) من الدواسر. انتهت زيارة الملك الإمام وودعه المضيّف وودعه الأهالي على جنبات الطريق، يبتهلون إلى الله بأن يحفظ لهم ولي أمرهم، ويكمل مسيرة البناء والتوحيد، ويحمدون الله على نعمة الأمن والأمان، وكانت هذه الزيارة حدثاً تاريخياً، وبصمة وفاء وولاء لازالت تُذكر وتُروى من جيلٍ إلى جيل. وقد خصّص الملك عبدالعزيز لابن سليمان بعد هذه الزيارة (شرهةً) سنوية ممتدة إلى وقتنا الحالي حسب ما بلغني من أحد الثقاة من الأسرة. وجاء وصف «قصر ابن سليمان» كالتالي: (كان هذا القصر سابقاً يتبع أمير نعجان في ذلك الوقت وهو عبدالله بن سليمان الذي استضاف جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في هذا القصر هو وصحبه. ويبلغ طول هذا القصر من الشرق أربعة عشر متراً ونصف المتر ومن الجنوب ستة عشر متراً ومن الغرب ستة عشر متراً ونصف المتر ومن الشمال اثني عشر متراً ونصف المتر ومجموع مساحته مائتان وأربعون متراً مربعاً وهو مبنى من الطين وسقوفه من خشب الأثل وسعف النخيل ونوع من الأشجار يطلق عليه «العاذر» أعمدته حجرية ومغطاة بطبقة من الجص ولهذه الأعمدة تاج علوي حجري. كل غرف القصر مزودة بفتحات للتهوية وهي فتحتان مستطيلتان فوقهما فتحات مثلثة الشكل، وجدران القصر الخارجية سميكة حوالي أربعين سنتيمتراً أما الداخلية فأقل سماكة حوالي ثلاثين سنتيمتراً. الغرفة الشمالية الشرقية «5 ،3/4م» هي مجلس الرجال ولها باب خارجي من الجهة الشمالية 2/5 ،1 متراً وفي وسط الغرفة عمود وفوق هذه الغرفة غرفة أخرى «الروشن»، وكانت ضيافة الملك عبدالعزيز في مجبب القصر، وهو مجلس واجهته للشمال. أما النساء فلهن مدخل خاص من الجهة الشرقية حيث يوجد باب 2/5 ،1م يؤدي إلى باحة القصر المكشوفة «4/8م» ثم إلى غرفة «3,4م» وفوق هذه الغرفة غرفة أخرى أيضاً (الروشن) وللقصر درجان واحد في الجهة الجنوبية والآخر في الجهة الغربية ويبلغ طول كل واحد منهما حوالي ثلاثة أمتار وعرضه ثمانين سنتيمتراً) انتهى وهذا القصر سبق أن صدر له توجيه رسمي كريم قبل مدة بإعادة بنائه وترميمه. * مشرف تربوي وأمين اللجنة الثقافية بالخرج التابعة للنادي الأدبي بالرياض باحث وكاتب ومؤلف - مهتم بتاريخ المملكة العربية السعودية