عرفت الأستاذ إبراهيم بن محمد العلي السبيل عند أول زيارة لي لمركز صالح بن صالح الاجتماعي بعنيزة عام 1416هـ، عملت أنه يدير مكتب الهيئة السعودية للمحاسبين بالرياض وله فرع بعنيزة، توثقت علاقتي معه منذ بداية عملي بمكتبة الملك فهد الوطنية، وبحكم دوره الرئيسي في تأسيس مركز صالح بن صالح وعلاقته الوثيقة برئيس مجلس الإدارة الشيخ عبدالله العلي النعيم رئيس مجلس أمناء المكتبة، أصبح يزوره فيها، فدعوته للتسجيل معه ضمن (التاريخ الشفهي للمملكة) فلبى الدعوة، وجدت لديه معلومات واسعة، مما دعانا إلى تجزئة اللقاء إلى ثلاث مرات. كل لقاء لمدة ثلاث ساعات بتاريخ 9-15-17/2/1420هـ، ولمدة تسع ساعات. استعرض أهم المحطات في حياته العلمية والعملية والعمل في أرامكو ثم الجمارك وبعدها الجوازات، وبنك التسليف مع بداياته، وتأسيس مركز ابن صالح، والعمل مسؤولاً لهيئة المحاسبين السعوديين. قال: إن والده أخذه عند بلوغه الخامسة من عمره إلى كُتَّاب علي الشحيتان كفيف البصر، وبيده عصا طويلة يضرب بها الجدار ويخوف بها الطلاب مما أخافه ليهرب رافضاً الدراسة بها، مما جعل والده يذهب به إلى المدرسة النظامية والتي يديرها صالح بن صالح. أفرد له الشيخ محمد العبودي ثلاثين صفحة من الجزء السابع من (معجم أسر عنيزة). قال: إنه دخل المدرسة الابتدائية وواصل دراسته حتى نجح في السنة الثالثة في المعهد العلمي السعودي بعنيزة عام 1372هـ - وهذا المعهد فرع للمعهد السعودي بمكة المكرمة وليس له علاقة بالمعهد العلمي الذي أنشئ فيما بعد. واستعرض نماذج من شعره الشعبي وأغلبها مداعبات. قال: إنه رأى من مؤلفاته اللطيفة كتاب (مفكرة الأحوال الشخصية) واستعرض عناوينه. وبدأ باستعراض سيرته من المدرسة الحكومية الوحيدة عام 1362هـ حتى آخر عمل رسمي قام به قبل التقاعد مساعداً لمدير عام بنك التسليف السعودي. قال: إنه عاود الدراسة عن طريق المنازل إلى جانب عمله بالتدريس، فحصل على الكفاءة المتوسطة عام 1377هـ والثانوية قسم علمي تخصص رياضيات عام 1380هـ إضافة لدراسته بمعهد العلمين الليلي. ابتعث للدراسة في ألمانيا، وبعد سنتين من تعلم اللغة والتدريب اضطرته ظروفه العائلية إلى قطع البعثة والعودة للمملكة. انتسب إلى كلية التجارة بجامعة الملك سعود وحصل على درجة البكالوريوس تخصص محاسبة وإدارة أعمال. حضر دورات في الإدارة والمحاسبة واللغات (الإنجليزية والفرنسية والألمانية) داخل المملكة وخارجها. عدد بعض ما قام به وذكر أنه شارك في وضع برامج الزمالة للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، واقترح إدخال مادة فقه المعاملات لأول مرة في تاريخ المهنة في البلاد الإسلامية، وكانت المملكة سباقة في هذا الميدان. ومع بداياته في العمل بعد سنوات من الدراسة والتدريس التحق عام 1373هـ بمكتب مراقبة الأجانب في الرياض وفي العام التالي 1374هـ التحق بشركة أرامكو في الظهران بوظيفة عامل مستودعات لتسعة أشهر، بعدها انتقل للعمل بالجمارك برأس مشعاب عام 1375هـ كاتب حسابات ولمدة سنة. عاد لعنيزة عام 1376هـ ليعمل معلماً درجة أولى في المدرسة العزيزية التي درس فيها وتخرج منها. انتقل عام 1380هـ للرياض ليعمل سكرتير مركز التنمية الاجتماعية بالدرعية». وفي عام 81-1382هـ ابتعث للدراسة في ألمانيا بعد حصوله على الثانوية العامة من المنازل. عاد بعد سنتين للعمل في إدارة الإشراف على التعليم بعنيزة، لتعار خدماته عام 1393هـ لبنك التسليف السعودي ليترقى بعد سنتين إلى وظيفة مساعد مدير البنك وفي عام 1401هـ طلب التقاعد المبكر بعد خدمة 27 سنة. طلب الترخيص بمزاولة مهنة المراجعة والمحاسبة، وفتح مكتباً خاصاً لذلك. وفي عام 1403هـ تحول المكتب الخاص الفردي إلى مكتب شركة مهنية تضامنية باسم المحاسبون السعوديون (إبراهيم السبيل وشركاه). وقد اشتهر منذ يفاعته بحبه للأعمال التطوعية، ففي عام 1378هـ افتتح مع الأخوين ناصر وعبدالرحمن الصويان فصولاً ليلية للكبار في مقر مدرسة الجناح بعنيزة. متطوعاً للتدريس لعدة سنوات. رئاسته للجنة التثقيف الاجتماعي في عنيزة عند تأسيسها عام 1390هـ. عضو مؤسس للجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة من عام 1400هـ حتى وفاته رحمه الله ومارس أعمالاً تنفيذية في مجلس الإدارة، إضافة لعضوية لجان كثيرة، قد اختير عضواً في مجلس منطقة القصيم لدورتين من 2/4/1422هـ حتى 2/4/1430هـ وشارك في عضوية لجان المجلس إضافة لمشاركاته في عدد كبير من الهيئات واللجان الخاصة بالمحاسبة القانونية وغيرها. له من الأعمال المطبوعة، مذكرات في فقه المعاملات لبرنامج الزمالة المهنية لهيئة المحاسبين القانونيين، ديوان شعر عربي، وآخر فصيح وشعبي، ومفكرة الأحوال الشخصية وقد أفردت له الجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة في كتابها (أضواء على الجمعية الخيرية الصالحية وفروعها) بمناسبة إقامة المهرجان الثالث للثقافة بمرور 30 عاماً على تأسيس الجمعية. سبع صفحات، استعرضت فيها أهم مراحل حياته العلمية والعملية. وضمن استعراضها لأعضاء مجلس الإدارة ذكرت أنه شارك بعضوية المجالس من الدورة الأولى وحتى العاشرة 1429هـ حيث إعداد الكتاب. واستمر في عضوية مجلس الإدارة حتى مرضه الأخير وانتقاله إلى رحمة الله. وأذكر مشاركتي بندوة عن التاريخ الشفهي مع الدكتورين: عبدالله العسكر، وفايز الحربي في المهرجان الثقافي بالجمعية الصالحية عام 1437هـ، وكان يسبقنا الدكتور محمد السعيدي بمحاضرة عن (الوسطية). وكان في حديثه يميل إلى القسم المتشدد، ولم يتطرق إلى القسم المعتدل أو الوسطي. فما كان من الأستاذ إبراهيم إلا أن طلب الكلام في نهاية المحاضرة، وقال: كنا ننتظر منك التحدث عما هو عنوان للمحاضرة، ولكنك اكتفيت بجزء منها. أمامي أحد مؤلفاته (عبدالعزيز الهزاع جماعة في رجل) أصدرته مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر عام 1419هـ 1998م . استعرض فيه سيرته ومسيرته وما كتب عنه، وذلك بمناسبة اعتزاله التمثيل. وكتاب (إبراهيم السبيل ومسيرة ستة عقود في العمل الاجتماعي والتطوعي) إعداد؛ د. جمعة إبراهيم موسى، وأ. عبدالحكيم أبو سلمية، مراجعة د. علي هاشم الهاشم، 1436هـ 2015م استعرضا فيه: مفاهيم حول العمل التطوعي، والعمل التطوعي والاجتماعي في حياة السبيل، وشخصيات تأثر بها وشخصيات قالوا عنه. قال إنه تأثر بوالديه وبأستاذه صالح بن صالح وبالشيخ عبدالرحمن السعدي وبالراوية إبراهيم الواصل وغيرهم. قال عنه الدكتور عبدالعزيز الخويطر : «.. لا يتصور أحد منا أن هناك عمل خير إلا وهو سباق إلى إعطاء أقصى جهد في المساهمة فيه، رأياً ومشاركة فعلية، لا يقتصر على جانب واحد من الأمر وإنما يحيط بكل جانب يوصل إلى النجاح وبلوغ الهدف. لا أحتاج إلى رأي أو مساعدة في أمر من الأمور، إلا انصراف ذهني إلى أبي محمد، أجد عنده الرأي الصائب، وأضع في يده مما لا أستطيع أن أباشره. ما أضمن أنه سوف يكون خيراً مني فيه.. جزاه الله خيراً « وقال عنه الشيخ عبدالله النعيم: «.. جبل الأخ إبراهيم على حب الخير والمساهمة الفعالة في العمل التطوعي. وله في ذلك باع طويل وعريض.. لم ألاحظ يوماً من الأيام أن الأخ إبراهيم تبرم أو تضايق أو طلب التخلي عن هذا العمل الإنساني.. وأنه من الذين ينكرون ذاتهم ويعملون العمل خالصاً لوجه الله تعالى..» وقال عنه كثير من عارفيه في فضله ومبادراته. آخر لقاء معه بعيد وفاة الشاعر أحمد الصالح رحمه الله، جاء رغم معاناته للتعزية، وبعد أشهر عرفت بوفاة زوجته أم محمد فهاتفته معزياً، وعندما علم أنني أفضل زيارته رفض. لم أعلم بوفاته رحمه الله إلا بعد أسبوع إذ قرأت ما نشرته الجزيرة في ملحقها الثقافي اليوم الجمعة 8 سبتمبر 2023م تحت عنوان: (ابن عنيزة البار الشاعر إبراهيم السبيل يغادر المشهدين الثقافي والاجتماعي بعد سبعة عقود في خدمة وطنه)، قال عنه الأستاذ حمد القاضي: «.. لم يشغله عمله الرسمي أو الخاص بحياته عن العطاء الاجتماعي والإنساني فضلاً عن عطاءات قلمه نثراُ وشعراً، كان العمل الاجتماعي شغفه تأسيساً واستدامة..» وقالت الدكتورة خيرية السقاف: «.. الرجل الصالح المعطاء، المواطن البار، رجل المواقف والطيبات، أب المميزات الفاعلين أدباً وعلماً وعطاءً وإيثاراً..». فيما عبرت ابنته أ.د. وفاء بنت إبراهيم السبيل: «..والدي كان قدوة لنا في أخلاقه وتعامله مع الآخرين، وغرس فينا حب العلم، وورثت عنه حب الأدب والثقافة.. «وقال الدكتور محمد المشوح: «..للشيخ إبراهيم السبيل رحمه الله نشاط اجتماعي بارز ومساهمات ومبادرات مميزة..» وقال الدكتور عبدالله الغذامي: (إبراهيم السبيل رجل الخير والعمل الوطني، بدأ حياته مبتعثاً في الخمسينيات، وعاد ليخدم بلده..». وقــال الدكتور إبراهيــــم التركــي: «.. على مدى سبعين عاماً كان للأستاذ إبراهيم بن محمد السبيل دور في كثير من الأعمال لتطوعية المؤسسية بعنيزة، حيث بذل من نفسه ونفيسه مكتفياً بالظل لخدمة المشروعات الاجتماعية والثقافية..». وقال: «..عصامي بني نفسه بعزيمته وطموحه، وغير مساره من معلم في المرحلة الابتدائية إلى مسؤول في إدارة التعليم، فرقم مهم في بنك التسليف، ومنذ أربعة عقود وهو صاحب أحد أكبر المكاتب المحاسبية، وفوق هذا يجيد اللغة الألمانية حيث درس هناك كما اللغة الإنجليزية، ويعتني باللغة العربية الفصحى، ويقول الشعر بالعامية، وفي أولاده أطباء وشعراء وأكاديميون..».