زمان جاسم في لوحاته..

بعثــــــرة لانهــــــائيـــــة.

في كل مرة أزور الفنان زمان جاسم لا نستقر بزاوية معينةٍ في مرسمه، و لا نتوقف عند حد حيث يتداعى الفن بكافة أشكاله و صوره كما لو أنه منظومة مفاهيم و أفكار تأخذ دورها في تجسيد الحياة بأسلوب مغاير ؛ كما يقول أحد الفلاسفة : “الفن هو إخفاء الفن” كأنك لا ترى غاية محددة من الألوان لكنها تُبدي لك الحياة بشكل مختلف و هو رهان أرسطو في نظرية الجمال . الموسيقى تدور ونحن نتكلم، نغني تارة و هو يقوم بإكمال عمله بينما ننشغل تارة أخرى بتحضير قهوة ملونة ذات إيقاع فني محض . هذه المرة كان الحائط كله مشغولا بلوحات كبيرة بل تأخذ حيزا أكبر ولا أخفيكم دهشتي حين أشاهد نساءً مثل الحلم يتولدن من رحم الغيمات المثقلات بالمطر كأنهن يتنزلن من قوس قزح فائض من السماء للأرض. زمان جاسم المتخفف عن ظهور الوجوه والشخوص في لوحاته حد الندرة هاهو يفعلها أخيرا و هو يقول -بأحد حواراته السابقة- “هناك طبقات غير مرئية للعمل”. لذلك أطوف على لوحاته -برفقة الموسيقى- واحدة واحدة لأتلمس رسالته فيها و هو يمضي بريشته واقفا و قاعدا كمن يبحث عن سر مخبوء في خزائن البياض . المرأة الحبيبة، الصبية الأمل، والمرأة الشجرة، التفاصيل التي تجمع بين الأرض والسماء، كيف للفنان الذي لا يهدأ أن يستقر على غيمة واحدة أو شبه امرأة؟! لم أسأل زمان عن شيء البته، الحكايات أجمل وهي تتشكل في عمل فني، والمتخيل أكثر جمالا من أن تقتله بتفسير يوقف الصورة (اللوحة) عند معنى يضع النقطة الأخيرة. أكثر من ثلاثين عاما وزمان في دوامة لا تهدأ، يتجدد بأفكاره وألوانه وتأخذه التجارب في كل مرة لمحطات لا تأخذ منه إلا بقدر اكتمال التجربة ثم يرتحل منها لمحطة أخرى. قدر هذا الفنان أن يبقى في توتر وقلق وهذا ما يجعل من زمان المتعدد أبهى لونا وأكثر معانقة للحياة في عدم رضاه أو استقراره ما يجعل منه كمد البحر متصل ولا يتوقف. نساء غيمات المطر كذلك، في حركة دائمة كالحياة وكالمطر، في كل مرة يهطل فيها تتلمسه بشعور مختلف ويجلب الفرح والبهجة ، وهذا مايريده زمان من هذه التجربة التي تتجاوز اللون إلى لانهائيات الفكرة