خَيَالُ الفيصل.

في ليلة كان فيها خيال الملك فيصل – رحمه الله – يملأ جنبات قاعة الأمير سلطان الكبرى بالرياض، حين كان الحاضرون على موعد مع إعلان أسماء الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية في دورتها السابعة والأربعين. ومن الأرض التي مشى عليها الفيصل رحمه الله ونذر نفسه لخدمتها وخدمة الإسلام، والأرض التي أخلص لها وللقضية التي استشهد من أجلها – رحمه الله - ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل كلمة الجائزة التي كان فيها خيال والده حاضراً أيضاً حين أكد على رؤية الملك فيصل قبل رحيله وهو يستشرف مستقبل المملكة وأنها ستكون مصدراً للخير والإنسانية. كان خيال الفيصل حاضراً أثناء تسليم جائزتي خدمة الإسلام والدراسات الإسلامية، وهو الذي قضى جل حياته مدافعاً عن قضايا المسلمين في كل مكان. لقد أصلت الجائزة عالميتها وإنسانيتها بتجاوزها للعرق والدين في اختيار الفائزين وكرمت الإنسان العالِم فيما قدم لخدمة البشرية ومحاربة المرض والجهل وأثبتت أن شعاعها ينطلق من قلوب مؤمنة ومن بلد يؤمن بحوار الحضارات والثقافات لما ينفع البشرية جمعاء. وكون أن فرع الأدب قد تم حجبه هذا العام فإن هذا دلالة على صرامة المعايير المعتمدة لاختيار الفائزين، مما يضيف لرصانة الجائزة ويمنحها سمعتها وجدّيتها. الجائزة التي أكلمت عامها السابع والأربعين وضعت نفسها في مصاف الجوائز العالمية الكبرى حين أصبحت معايير الفوز بها خاضعة لتقييم لجان علمية عالمية ظهرت مخرجاتها في التنوع والنوعية التي شكّلت أسماء الفائزين لهذا العام. الجائزة تضيف أيضاً إلى رصيد المملكة العربية السعودية من القوة الناعمة، والأثر المباشر على الاختراعات والاكتشافات العلمية، مما يعني المساهمة «عالمياً» في صيرورة الحضارة المعاصرة، ليكون للمملكة نصيبها في كل هذا الحراك العالمي من جهة المكتسبات العلمية والبحثية والمعرفية. الليلة التي كانت معطرة بذكرى الفيصل امتلأت أيضاً بحضور كثيف ومتنوع من معظم بلدان العالم، وبرغم الاختصار الكبير في فقرات الحفل؛ تخفيفاً على الحضور، إلا أنه كان ممتلئاً بالكثير من العمق والجمال .