الكلمة وهي واقفة..

منذ أكثر من ستين عامًا، و «اليمامة»، الصحافة المحلية بعامة، تحتفظ بمكانٍ ثابتٍ لكلمة محمد العلي. كلماته التي ظل يكتبها بلا انقطاع، زاويةً بعد زاوية، وجيلاً بعد جيل، كانت شاهدة على تحولات المجتمع والفكر، ومرافقة لأحلام التنوير في فضاء الأدب والثقافة. واليوم، ونحن نفرد في «شرفات» ملفاً خاصاً لهذا الرمز الوطني الكبير ، فإنما لا نحتفي به بوصفه أحد كتّاب المجلة فحسب، بل بوصفه شاهدًا على زمن طويل من التحولات، وصوتًا حداثيًا أصيلاً، وضميرًا فكريًا ظل وفيًا لقضاياه الكبرى، دون أن يفقد بصيرته أو نبضه. وفي واحدة من اللحظات النادرة، نقدم حوارا استثنائيا مع هذه الاسم الرائد يجريه معه ابنه علي محمد العلي، وهذا الحوار بين الابن وأبيه، لا نقدمه بوصفه حوارا بين أفراد عائلة فحسب، بل كجيلين من المثقفين، يجمعهما هاجس الكلمة وهمّ المشروع التنويري. ويجب الاشارة الى ان هذا الحوار يجيء ضمن مشروع موسّع يعمل عليه الأستاذ علي، لتوثيق تجربة والده التنويرية وجمع ملامحها، وقد سعدت بالاطلاع على بعض تفاصيله مؤخراً. ان من بين أهم الدروس التي ينبغي التوقف عندها في مقالات محمد العلي، أنه ظل طوال مسيرته الممتدة كاتبًا ملتزمًا، لم يحد عن مبادئه، ولم ينزلق إلى مجاملة ، ولم يساوم على قناعاته في أحلك الظروف. وهي علامة أصيلة في عالم الكتابة، وقيمة عليا تعلمنا أن الكلمة الحقّة لا تُكتب إلا واقفة.