خُطُواتُ التَّعاملِ مَعَ مَرِيضٍ انتحاريٍّ

• مراقبةٌ لصيقةٌ. للَّذي يجلسُ في آخرِ المَمَّرِ، متخيلاً أنَّه على حافَةِ العالم، وحيداً كظلِّهِ. يخدشُ الأصواتَ التي في رأسهِ باستمرارٍ، ويبكي من سُوءِ طَعْمِ الحياةِ.. يلمسُ بأطرافِ الأصابعِ خيالاتَهُ، ولا يستطيعُ الإمساكَ بها، تلكَ التي تطيرُ بعيداً عنهُ، عندمَا يتمُّ تقييدُهُ بالسَّريرِ لساعاتٍ! • إجراءاتُ الحمايةِ. كلَّمَا كانَ إدراكُهُ للزَّمانِ والمكانِ سليماً كانَ أقربَ للسُّقوطِ مِنْ على الحافَةِ، وصارَ في عِدادِ الأصِحَّاءِ. هابطاً بسرعةٍ فائقةٍ نحوَ الهاويةِ البيضاءِ متأنِّقاً برَبْطَةِ عُنِقٍ طويلةٍ، من “شَرْشَفٍ” مُتَّسخٍ ككلمة جافةٍ في جملة وداع.. أو كالمشاغلِ اليوميَّةِ الرَّائجةِ. • تسجيلُ الملاحظاتِ. يمشي أحياناً بخطى مسرعة، وأحياناً أخرى ببطءٍ، لكنه دائماً لا يصلُ، ولا يرغبُ أن يكونَ أحدٌ بانتظارِهِ. يدورُ كعاصفةٍ داخلَ غيومِ دُّخانيةِ صنعها بِنَفْسِهِ، وهو يبحثُ في أعماقِها عن انعكاسِ صورَتِهِ، أوعن أعقاب سجائر لم تستنفد بالكامل، دون جدوى أو ملل. • تقريرٌ يوميٌّ. “هادئُ السُّلوكِ، عاديُّ المَظْهَرِ”، لكنَّه يسخرُ من يديهِ؛ لماذا هما في مكانينِ مختلفَينِ. عند اضطراب حالته، يتخيلُ حريقاً في ثيابِهِ، لا يُمْكِنُ لكلِّ مطافِئِ العالَمِ أنْ تنقذَهُ، ينامُ طَوالَ اللَّيلِ دونَ أدْنَى فَزَعٍ من كوابيسهِ الأخرى. يسيرُ الأمرُ على ما يُرامُ.. • توصيةٌ طِبيَّةٌ. “لا يجبُ تَرْكُهُ بمفردِهِ في الغُرَفِ أَوْ حتَّى في دورةِ المياهِ، إنْ لَزَمَ الأمرُ”.. ومع ذلكَ، هو وحيد، ولا أحدَ معهُ في هذا العالِمِ. • ملاحظةٌ شخصيَّةٌ غيرُ ضروريَّةٍ: افْعَلْهَا يا رَجُلُ!