مثل الألغاز أو فوازير رمضان.

أسئلة قوية جدا يصعب الاجابة عليها مباشرة. فأنا لا أدري كيف يتسرب محمد العلي خلسة الى الفؤاد، ثم لا تفيق الا وهو متربع في سويداء القلب. بالنسبة لي كان محمد العلي “مُعلّما”. ثم صار اليوم صومعة. كان يحمل صرخة “اقرأ” الى كل الناس رغم نخبوية اسلوبه، فيلهم الناس القراءة قسرا، حتى ليبقى القارئ يسعى أبدا في شوق الى ما سيأتي من محمد العلي، وليس ما مضى منه. وكان الغموض والرمزية مفاتيح سحرية لكتابته يتلقفها القراء مثل الألغاز أو فوازير رمضان، ويبحثون داخلها عن تفسير للفوز منه بلؤلؤة أو حبة ياقوت. وكأن كل حرف في كتابته شعلة نار خفيفة تبعث الدفء فيك لكنها تقدح ايضا شرر الحرية. اما اليوم فهو محراب للمصلين وقبلة للهائمين في شعره وشعوره. كنز من العلم يبثه في مقالة اليمامة حِكما ومواعظ في صحن من الكلمات الهادئة. ذهب ذلك الصخب الذي كان يثيره محمد العلي، وبقي محمد العلي ايقونة للجمال العقلي الباذخ. هذا باختصار. ولا لوم عليّ لو انا تماديت بشحنة عفوية من الشجن خارج الاحاطة المعرفية “بأبو عادل” المفكر، يحفظه الله. فأنا أعجز من أن أسبر غوره العميق.