صانعُ الشرارت.. صائغُ الجمر

لأنّه الكِتابُ الذي لا تنفد صفحاته. لأنّ حبرَه لا يني يتدفّق ولا يكفُّ عن حيازة الأزرق. لأنّه العدّاء الذي لم يخذله القلم في المضمار الطويلِ الطويل. لأن كلماته تأتي متأججةً تشعر معها بانفعاله ولهاثه الممتد منذ عقود. لأنه الباحثُ، دوماً، عن «البعد الآخر» يسعى نحوه بلا كلل. لأنه من العازفين عن السطح المنصرفين عن المظهر؛ تغريه الأعماق؛ يذهب مع «كلماته المائية» فيغوص إلى مكامن دانَتِه الفريدة. لأنه لا يأنس إلى جهةٍ واحدةٍ لقولٍ ما، جعلَ شعارَه «فيها قولان» وثمة أقواسٌ تُفتح ولا أقفال لها. لأنه مزجَ النخلةَ والشراع. لأنه الخلّاق في ابتكار النوافذ. لأنه النافر، أبداً، من التجييل؛ نلفيه حاضراً مع كل الأجيال. لأنه منذ فجر تحوّله في عقد الستينيات، وهو في عمارة التجديد بانياً ومصغياً/ قريباً ومحاوراً/ كاتباً وقارئاً/ قارئاً وقارئاً وقارئاً. لأنه.. لأنه محمد العلي الذي بنى حرفَه الجامح على صخرةِ السؤال، وجميعنا لا نحتاج إلّا أن نسأل وأن نمعن في السؤال، وهذا هو الكنز الباقي والذخيرة التي يمرّرها إلينا في خاتمةِ كلّ حرفٍ من أسفاره. نقرأ محمد العلي. نقرأُ هذا الشامخ الذي لا تشيخُ كلماته. نقرأ محمد العلي.. لأنه منذ الطين ومنذ الماء: صانعُ الشرارت وصائغُ الجَمْر.