نمو دائم لا يقف عند حد.

الأستاذ محمد العلي هو آخر الواقفين على جسر الكتابة فهو (يعبُرُ من يُتمٍ ليتمٍ، ولا يبتلُ إلا بأنفاسه) كما يقول الشاعر. فالحيرة تأكل قلمي حين أريد الكتابة عن عملاق كـ (العلي).. وهل تستطيع الساقية أن تقدم النهر، وهل يستطيع النهر أن يقدم البحر كما يقول عبدالعزيز المقالح.. فتلك الأنفاس المبتلة بالكتابة لا تهدأ بين شهيقها وزفيرها ناثرة جمرها على سطور الورقة تارة بالأسئلة المستنكرة، وتارة طالبة وعيا صُلبا يسبر أغوارها. ما أعنيه أن الأستاذ محمد العلي كاتب أحفوري يتعملق حين يسأل ويتبركن حين يجيب. فـ(العلي)كاتب استحضاري استدعائي للتراث ممزوجا بخليط حداثوي. يرمي الكلمة بين يدي قارئه ويتركه يفرك ذاكرته ووعيه حتى يفرز الفكرة ناهيك عن اللغة الصخرية التي يكتب بها العلي. وكلما قرأت له ارتقيت سلما من المعاني والمفاهيم. لا أجد أن كتابته اختلفت عن سابق عهده الا بتفكيك بعضا من رموزه الغامضة ولغته وأفكاره في نمو دائم لا تقف عند حد. والدافع لقراءته هو تعمق وجداني في سحر أسلوبه الفاتن ولغته المزدانة بالمعاني والأفكار.