مصحف تبيان وسامي بن عبدالله المغلوث الفائزان بجائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع خدمة الإسلام لعام 2025

خدمة الإسلام بين التوثيق والتيسير.. سامي المغلوث ومصحف تبيان يتقاسمان جائزة خدمة الإسلام.

في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي، تبرز الحاجة إلى توظيف هذه التقنيات لخدمة القيم الدينية والإنسانية. وقد كرّمت جائزة الملك فيصل لعام 2025 في فرع «خدمة الإسلام» اثنين من أبرز المشاريع والأفراد الذين أسهموا في هذا المجال: المستشار سامي بن عبدالله المغلوث، لجهوده في توثيق التاريخ الإسلامي من خلال إعداد أطالس تاريخية وجغرافية، ومشروع «مصحف تبيان» الذي يُعنى بترجمة تفسير القرآن الكريم بلغة الإشارة للصم. يُعدّ هذا التكريم اعترافًا بإسهاماتهما في تسهيل الوصول إلى المعرفة الدينية والتاريخية لمختلف فئات المجتمع، ويُجسد تكريم سامي بن عبدالله المغلوث ومشروع «مصحف تبيان» بجائزة الملك فيصل لعام 2025 التقدير للإسهامات التي تسهم في نشر المعرفة الدينية والتاريخية بطرق مبتكرة وشاملة. ويُعدّ هذا التكريم حافزًا لمزيد من المشاريع التي تسعى إلى توظيف التقنيات الحديثة لخدمة الإسلام وتيسير الوصول إلى معارفه لمختلف فئات المجتمع.​ سامي المغلوث.. رائد التوثيق البصري للتاريخ الإسلامي يُعتبر الأستاذ سامي بن عبدالله المغلوث من أبرز الباحثين في مجال التوثيق التاريخي والجغرافي للتاريخ الإسلامي، عمل كمستشار في الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية بالمملكة، وأسهم في إعداد أكثر من 40 أطلسًا تاريخيًا وجغرافيًا، تناولت مختلف مراحل التاريخ الإسلامي، وشخصياته، وآثاره. تُرجمت العديد من هذه الأطالس إلى لغات عالمية، مما أسهم في نشر المعرفة التاريخية الإسلامية على نطاق واسع.​ تميزت أعماله بالدقة والشمولية، حيث غطت معظم جوانب التاريخ الإسلامي، من الفتوحات والمعارك إلى الشخصيات البارزة والمعالم التاريخية. وقد حصل على جائزة الملك فيصل تقديرًا لجهوده الاستثنائية في هذا المجال، بالإضافة إلى جائزة المؤلف السعودي في عام 2015م، وتكريمه كرائد في مجال الأطالس التاريخية في العالم العربي من نادي الأحساء الأدبي في عام 2017م. مصحف تبيان: جسر بين القرآن وفئة الصم “مصحف تبيان” هو مشروع مبتكر ومميز يعكس عمق الاهتمام بذوي الإعاقة، ويعتبر نقلة نوعية في كيفية تفاعل فئة الصم مع القرآن الكريم. أطلقته جمعية “لأجلهم” لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو الأول من نوعه عالميًا في توفير تفسير القرآن الكريم بلغة الإشارة. المشروع يعكس سعي المملكة العربية السعودية لإيجاد حلول تكنولوجية وإنسانية لتمكين فئات المجتمع المختلفة من الوصول إلى المعرفة الدينية بكل سهولة ووضوح. المشروع يقوم على استخدام تقنيات متقدمة في تقديم تفسير القرآن الكريم بلغة الإشارة للصم، حيث توفر هذه التقنية التفاعل المباشر مع النصوص القرآنية، ما يسمح للمستخدمين من فئة الصم بفهم المعاني القرآنية العميقة والتمكن من التأمل في الآيات والأحاديث النبوية. يتم عرض التفسير من خلال مقاطع فيديو مترجمة بلغة الإشارة، حيث تظهر مفسرة بلغة الإشارة أمام الشاشة وهي تشرح معاني الآيات بطريقة مبسطة ومباشرة. تُعد هذه المبادرة خطوة رائدة نحو تحقيق الشمولية الدينية، حيث يستفيد منها الآلاف من الصم الذين لم تكن لديهم سابقًا إمكانية الوصول الكامل إلى تفسيرات القرآن الكريم. المشروع لا يقتصر على توفير تفسير بلغة الإشارة فقط، بل يسهم أيضًا في تحسين فهم وتفسير الآيات القرآنية المتعلقة بمختلف جوانب الحياة الإنسانية، مما يعزز التفاعل الشخصي معهم من خلال محتوى ديني متاح بسهولة. لم يعد “مصحف تبيان” مجرد مشروع تقني، بل أصبح جسرًا حيويًا يعزز من التواصل بين فئة الصم وبين عالم الدين والتفسير. فبفضل هذا المشروع، استطاع الصم أن يدخلوا إلى أعماق النصوص القرآنية ويشعروا بأنهم جزء من المجتمعات الدينية التي كانت في السابق مغلقة أمامهم. من خلال هذه الخدمة، أصبح من الممكن للعديد من الصم من مختلف الأعمار متابعة التفاسير الدينية والعقائدية الخاصة بالقرآن الكريم، مما يساهم في رفع مستوى وعيهم الديني، كما يساهم مصحف تبيان في عملية التثقيف الديني على نطاق أوسع، حيث يعزز من فهم المجتمع لأهمية إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في العملية التعليمية والدينية. المشروع يبعث برسالة قوية مفادها أن الدين ليس محصورًا على مجموعة دون أخرى، بل هو دين شامل يجب أن يصل إلى الجميع بغض النظر عن ظروفهم أو قدراتهم. كما يُعد المصحف أداة تعليمية فعالة في المساجد، والمدارس، والمراكز الثقافية التي تدمج الصم في أنشطتها.