الأعمال المعروضة من بداية القرن العشرين حتى 2023 ..

(إثراء)يثري أسبوع فن الرياض بمجموعته «المشهد والذاكرة».

يشارك مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) كشريك للمعرض في أسبوع فن الرياض، الذي تنظمه هيئة الفنون البصرية في الفترة من 6 إلى 13 إبريل الجاري، تحت شعار “على مشارف الأفق”، في حدث يجمع عددًا من المعارض الفنية المحلية والإقليمية والدولية، حيث يقدّم مركز إثراء مجموعة فنية تحت عنوان “المشهد والذاكرة”، تضم 15 عملًا فنيًا لـ 11 فنانًا من داخل المملكة وخارجها، ومن المقرر أن يستمر العرض الخاص بـ “إثراء” حتى مايو المقبل، مقدمًا تجربة بصرية تستعرض العلاقة بين الذاكرة والتحولات الفنية عبر الزمن. إطلالة على “المشهد والذاكرة” تمتد الأعمال الفنية المعروضة ضمن مجموعة “إثراء” من بدايات القرن العشرين وصولًا إلى أحدث الإبداعات المعاصرة لعام 2022، مما يعكس التنوع الفني الغني والتعبيرات الثقافية المتعددة. وتشمل المجموعة منحوتات ولوحات وتركيبات فنية، تتيح للزوار فرصة التأمل في تفاعل الزمن مع الذاكرة البصرية وتأثير المشهد الطبيعي في تشكيل الهوية الإنسانية. تضم الأعمال الفنية المعروضة ضمن مجموعة “إثراء” أعمالًا لفنانين عالميين ومحليين بارزين، ليقدموا رؤى متقاطعة حول مفهوم الذاكرة وتأثيرها على التشكيل الفني، وتعكس الأعمال الفنية المشاركة في هذا المعرض تفاعلًا ديناميكيًا بين المادة والذاكرة، حيث يستند الفنانون إلى وسائط مختلفة لصياغة رؤاهم حول الزمن، والمكان، والهوية. يتجلى هذا في أعمال مثل “المكان لي – السلسلة رقم 3” لحازم حرب، الذي يُعيد تشكيل الذاكرة الفلسطينية من خلال طبقات من الصور الأرشيفية، و”احتراق” لمعتز نصر، الذي يُحوّل أعواد الثقاب إلى خريطة متغيرة ترمز إلى هشاشة الجغرافيا السياسية في العالم العربي. هذه الأعمال لا تكتفي بتقديم صورة بصرية، بل تثير تساؤلات حول التاريخ، والانتماء، والواقع المتحول. في المقابل، تتناول بعض الأعمال علاقتنا مع العناصر البيئية والطبيعة من منظور فلسفي، كما في “أحافير المعرفة” لمحمد الفرج، الذي يوثّق الإرث الزراعي للمملكة من خلال مزج الوسائط البصرية والصوتية في عمل تركيبي يُعيد إحياء أصوات وحركات المزارعين في الأحساء. ويأخذ “أرض بحر” لغريغوري موهوني هذا الحوار إلى مستوى آخر، حيث يُدمج الفولاذ المعالج مع الملح والمواد القلوية، مستحضرًا تحول الطبيعة عبر الزمن وتأثير الإنسان على المشهد الطبيعي. أما في مجال الهوية الفردية والجماعية، فيبرز عمل “شاشة” لدو هو سو، الذي يعكس التفاعل بين الفرد والمجتمع من خلال شبكة متشابكة من الأشكال البشرية، في حين يعيد سلطان بن فهد التفكير في السرديات الوطنية من خلال “1440 م”، حيث يُوظّف صورة أرشيفية ليخلق حوارًا بين الماضي والحاضر عبر إعادة توزيع عناصر المشهد البصري، وتُشكل هذه الأعمال مجتمعة نسيجًا فنيًا غنيًا يربط بين الذاكرة والهوية والتاريخ، مقدمًا تجربة بصرية تدعو المشاهد إلى إعادة النظر في علاقته بالمكان والزمان، وإلى التأمل في السرديات التي تشكّل إدراكه للعالم من حوله. جسور ثقافية على هامش مشاركة “إثراء” في أسبوع فن الرياض، خصّ الدكتور كميل المصلي، القيّم على المعارض المتنقلة بالمركز، مجلة “اليمامة” بتصريحات حصرية، أضاء خلالها جوانب فنية وثقافية من هذه المشاركة، حيث قال: “المعارض تمثل جسورًا ثقافية تذوب من خلالها الحدود الجغرافية والفكرية. في إثراء نهدف إلى خلق حوارات مرئية تنقل روح وتجارب الفنانين إلى العالم، بينما نفتح نوافذنا على تجارب محلية وعالمية. مشاركتنا في أسبوع فن الرياض تتمثل عبر معرض المشهد والذاكرة، الذي يعكس تشابك الذاكرة المحلية مع السياقات الفنية العالمية، مما يعزز التبادل الثقافي ويُظهر الفن كوسيطٍ للتفاهم الإنساني”. وحول دور الأعمال الفنية في توثيق التحولات الثقافية والاجتماعية، قال المصلي: “الفنون البصرية هي شهادات حية على التغيرات المجتمعية. الأعمال في هذا المعرض تُقدّم قراءات متعددة للذاكرة الجمعية، سواءً عبر توثيق التحولات والتجارب التاريخية، أو اعادة بناء المفاهيم والرؤى بإطار معاصرة”، وفيما يخص معايير اختيار الأعمال الفنية والتوازن بين المحلي والعالمي، أضاف: “اعتمدنا على معايير تتجاوز الجماليات الفنية لتشمل عمق المضمون وقدرته على تمثيل لحظات تحولية في الذاكرة الثقافية. حرصنا على أن تمثل الأعمال المختارة تنوعًا جغرافيًا (11 فنانًا من المملكة وخارجها) وتنوعًا في الطرح الفكري، مع التركيز على القصص المشتركة بين الذاكرة المحلية والعالمية، مثل أعمال تُعيد قراءة التاريخ عبر أساليب معاصرة، بالإضافة لتعدد المدارس الفنية أيضًا”. وحول تفاعل الجمهور مع الأعمال الذاكراتية ودور المعرض كأرشيف بصري، قال المصلي: “لاحظت من تجارب سابقة أن الجمهور يتفاعل مع الأعمال التاريخية بعمق، خاصة عندما تلامس طبقات مختبئة من ذاكرته الشخصية. المعرض يُعدّ أرشيفًا بصريًا غير تقليدي، لأنه لا يوثّق الأحداث فحسب، بل يطرح أسئلة نقدية حول كيفية كتابة التاريخ. على سبيل المثال، إحدى اللوحات التي تعيد تصوير صورًا أرشيفية بمنظور معاصر تجذب انتباه المتلقي من خلال بعض اللقطات مثل عمل الفنان حازم حرب وعمل الفنان سلطان بن فهد، وهنا يتدخل المتلقي ويصبح شريكًا في إنتاج المعنى”. أما البعد التقني في المعرض وتأثيره على تجربة المتلقي، فقال: “لم نتطرق للبعد التقني في هذا المعرض بل اعتمدنا على تنوع الأساليب الفنية المطروحة والتي تندرج تحت مظلة الفن المعاصر وتسعى لتوفير تجارب متنوعة ومتوازنة. نحن حريصون على ألا تتغلب التكنولوجيا على الجوهر الإنساني للأعمال”، واختتم حديثه لليمامة بالقول: “الفن يبقى في النهاية حكايةً إنسانية. خصوصًا فيما تتطلبه شعار أسبوع فن الرياض؛ فالمعرض محاولة لاستكشاف كيف يمكن للفن أن يكون حافظًا للذاكرة ومحركًا لها في آنٍ واحد، وكيف تُترجم هذه الذاكرة بلغة بصرية تخلق حوارًا بين الماضي والمستقبل، المحلي والعالمي”. نافذة على الفنون يعد متحف إثراء أحد أبرز المرافق الثقافية لمركز “إثراء”، حيث يضم خمس صالات عرض رئيسية تحتفي بالفن المعاصر والتراث والتاريخ الإسلامي والطبيعة، إلى جانب “أرامكوراما” التي توثق مسيرة شركة أرامكو السعودية. كما يستضيف المتحف سنويًا معارض محلية ودولية كبرى، من بينها: “الهجرة: على خطى الرسول”، الذي وثّق رحلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بناءً على دراسات تاريخية موثقة، و”صافي الصفر” الذي تناول تحديات البيئة والحلول المستدامة، و”بيتر ساندرز: البحث عن النور” الذي استعرض 84 صورة فوتوغرافية توثق رحلة ساندرز الإيمانية، و”شطر المسجد” الذي قدم نظرة تاريخية على دور المساجد عبر الزمن، و”الجانب القريب من البدر” الذي عرض لوحات للأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن آل سعود. حضور فني متميز تماشيًا مع احتفاء المملكة بعام الحرف اليدوية 2025، يقيم متحف إثراء حاليًا عددًا من المعارض المخصصة لاستكشاف الفنون الحرفية، مثل “في مديح الفنان الحرفي”، الذي يضم أكثر من 150 عملًا فنيًا تسلط الضوء على الحرف التقليدية الإسلامية، ومعرض “حوار الحرف” الذي يجمع بين الحرف التقليدية والتجارب الفنية الحديثة، إضافة إلى معرض “الحرف الأبدية: فن المخطوطات”، الذي يبرز جماليات الخط العربي عبر العصور. ومن خلال مشاركته في أسبوع فن الرياض، يواصل “إثراء” دوره في تعزيز الحراك الفني والثقافي بالمملكة، وترسيخ مكانته كمنصة تجمع بين الأصالة والابتكار، ليقدم تجربة استثنائية تتيح للزوار التأمل في تفاعل المشهد والذاكرة في عالم الفنون.