نحو سوق عقاري عادل ومنضبط.

- في ظل التحديات المتصاعدة التي يشهدها القطاع العقاري في مدينة الرياض على وجه الخصوص، برزت مؤخرًا توجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- الرامية إلى تحقيق التوازن في القطاع العقاري، ومعالجة التشوهات التي تؤثر على المواطنين والمقيمين على حد سواء. وقد لاقت هذه التوجيهات صدىً واسعًا في المجتمع، لما تمثله من خطوة جادة نحو إعادة ضبط السوق بما يحقق العدالة ويحد من التضخم السعري غير المبرر. وعلى ضوء هذه التوجيهات المباركة، أود أن أطرح مقترحًا يتعلق بضبط العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر في مدينة الرياض، يتمثل في قيام الهيئة العامة للعقار بتصنيف الوحدات السكنية المؤجرة والمعدة للتأجير إلى ثلاث فئات (أ، ب، ج)، وفق معايير دقيقة تشمل: عمر العقار، جودة التشطيبات، الموقع، توفر الخدمات، والموجودات الداخلية للوحدة. ويُقترح أن يُحدد لكل فئة من هذه الفئات حد أعلى للسعر لا يجوز تجاوزه من قِبل المالك، وحد أدنى لا يمكن النزول عنه من قبل المستأجر، بما يضمن التوازن في التسعير ويمنع الممارسات غير العادلة التي تساوي بين وحدة حديثة بأعلى جودة، وأخرى متهالكة تفتقر لأبسط مقومات السكن المناسب. من جهة أخرى، يلاحظ العاملون في السوق العقاري ظاهرة مقلقة، تتمثل في قيام بعض المؤسسات النظامية باستئجار وحدات عقارية، ثم إعادة تسويقها عبر وسطاء وافدين لا تربطهم علاقة مباشرة أو نظامية بالمؤسسة، مع رفع الأسعار بشكل غير مبرر، والاعتماد على تفويضات ومستندات لا تعكس شفافية العلاقة بين الأطراف. وتُسهم هذه الممارسات - إن صحت - في رفع أسعار الإيجارات بشكل مصطنع وخلق سوق غير منضبط، يخالف الأهداف الوطنية لتنظيم هذا القطاع الحيوي. وهنا تبرز أهمية تعزيز الرقابة على الجهات المؤجرة، وضبط آليات الوساطة العقارية، والتأكد من نظامية العاملين تحت مظلة المؤسسات العقارية، وخاصة من يتم تسجيلهم تحت مسميات مهنية مختلفة - كعمال صيانة - بهدف التحايل على الأنظمة والقيام بأعمال وساطة أو تأجير غير نظامية. إن تنظيم السوق العقاري لا يتوقف عند ضبط العلاقة التعاقدية بين المستأجر والمؤجر، بل يمتد إلى مراقبة سلوكيات السوق، وضبط العرض والطلب، ومتابعة الجهات المؤجرة والوسطاء، بما يضمن خلق بيئة عقارية عادلة وآمنة تخدم المواطن والمقيم، وتنسجم مع تطلعات رؤية المملكة 2030 في توفير سكن ملائم لجميع أفراد المجتمع. نسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن يُكلل جهودهم المباركة في تنظيم هذا القطاع الحيوي بما يحقق الصالح العام.