( إلى الشِعرِ نبياً )

نُديرُ رحى الكلامِ فنستريحُ فلا وحيٌ يجيءُ ولا يروحُ كأنا نحو عهدِ التيهِ عُدنا أتى الطوفانُ لكن أين نوحُ ؟ أتى الطوفانُ مُمتشقاً خطاهُ فيصعدُ ثائراً لمّا نبَوحُ ويحمِلنا إلى أقصى مداهُ ويرمينا فتحضننا السفوحُ ولو أنَّ القصيدَ نواة طلحٍ لأثمرَ واستوت مِنْهُ الطلوحُ و لكنَّ القصائدَ مِن خُزامى متى ما جسَّها المعنى تفوحُ لذاكَ ترى القصيدةَ حين تُبنى تَشّدُ القلبَ وهي لنا تلوحُ وما تِلك القصائد يا صديقي سوى ثكلى على وَلدٍ تنَوحُ وبعضُ تجاربٍ مِمَن أحبوا ونارُ الشوقِ في كبدٍ تفوحُ وبعضُ الشِعرِ أرهفُ مِن نسَيم ٍ يَشِفُ ، وبعضه فرَسٌ جَموحُ وبعضُ الشِعرِ يولدُ مثل طفلٍ على الدنيا يجيءُ ولا يصَيحُ وبعضُ الشِعرِ يُنسى مِثل جَيش ٍ أصابتهُ الهزائم والجروحُ فمَيدانُ القصيدةِ ليسَ يبغي سِوى مَن فيهِ للعلياءِ روحُ وكُلُ حضَارةٍ في الأرضِ تُبنى بلا شعرٍ فليسَ لها صروحُ فيا شِعراً غرِقنَا فيهِ حتى ثمِلنا واستوت مِنّا القروحُ توضأنا بهِ في كُلِ فَرضٍ على مَضضٍ و تُبطِلنا الشروحُ فشِعرٌ ليسَ فيهِ غموض حَرفٍ أدرهُ وقُل لمَن كتبوا أريحوا ولستُ أقولُ شعري عَن غموضٍ ولكنَّ الغموض هو الوضوحُ ودربُ الشِعرِ دربٌ ليسَ يُفضي إلى جهةٍ بها الكَلِمُ الفسَيحُ لذا فاختَر طريقكَ حِين تمشي فبَعضُ القافياتِ لها فحَيحُ وبعضُ القافياتِ كصمتِ موتى وينطق دونها الموتُ الفصِيحُ هُنا تقفُ القصيدة دون جدوى ودون هوادةٍ وفمٌ ذبيحُ ستصرعُك القوافي وهي أنثى ويُمسكك المجازُ وأنتَ ريحُ وتملئُ خافِقَ الدُنيا قريحاً غريباً ، ليسَ يُشبههُ قريحُ عصا موسى لديك فكُن نبياً ومعنىً حين تقبضهُ يسَيحُ *الأحساء