جزيرة جبل الصبايا وعودة الحياة إليها*.

يزخر الشاطي الشرقي من البحر الأحمر المقابل لوادي حلي بمحافظة القنفدة، بعدد ليس بالقليل من الجزر الصغيرة والكبيرة غير الآهلة بالسكان, والجزيرة الوحيدة من تلك الجزر التي كانت مأهولة، هي تلك التي تُعرف باسم جبل الصَّبَايَا. وهي تقع في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية, وتحديدًا على بعد حوالى عشرين كيلومترا إلى الغرب من ميناء حلي التاريخي المعروف باسم عَازِبْ أو الرُّدَيْنِي. ولا تُعرف بالضبط أسباب تسمية تلك الجزيرة بهذا الاسم, ولعلها جاءت من كلمة: الصَّبَايَا‌ (جمع: صَبِيّة)، بمعنى الجواري الحسان(1).وليس لدينا أي دليل قاطع يؤيد هذه التسمية، إلا احتمال أنها كانت في زمن إزدهارها سوقًا لتجارة الرقيق المجلوب إليها من موانيء شرق أفريقيا، مثلها مثل غيرها من موانيء البحر الأحمر, وجزره القريبة من السواحل الغربية للجزيرة العربية, وخصوصًا الجواري الحبشيات المشهورات بحسنهن وجمالهن(2). ولم يرد اسم جزيرة جبل الصبايا بصورة مستكثرة في المصادر الميسورة, والإشارات اليتيمة والمهمّة عن هذه الجزيرة ينفرد بها البحّار العربي الشهير أحمد بن ماجد (ت904/1498) الذي يذكرها في عدة مواضع من كتابه المعنون: الفوائد في معرفة البحر والقواعد, ففي حديثه عن اكتشاف شعاب البحر الأحمر المجاورة لجبل الصبايا يقول ابن ماجد “وحدّثني من أثق به : أني طلعت من الفصليّا‌ت، فلم أزل كلما غيّبت شعبًا أتاني الآخر، وكلما خلّفته كشفت الآخر، إلى أن كشفت جبل الصَّبَايَا, وعلى مباحره شِعْبَان (تَثْنِيَة: شِعْب) عاريان . فآخر ما كان منها شِعْب عيسىَ, وهو متوسط في الطريق .. ‌“. ويقول أيضًا “وأما بَرّ العرب، فليس فيه طحال إلا طحال المرير، وهي يمانيّ جبل الصبايا للباحة، شاميّها للبر المعصّبة، ويمانيّها للبر الرقاق”(3) . ثم يمض ابن ماجد في ذكر الجزر المجاورة لجبل الصبايا, مثل عِرْق القَمَارِ‌ي، الجزيرة المشهورة عند أهل القنفدة, في الوقت الحاضر، باسم “أم القماري”(4), والتي يذكر أنها تقع إلى الشمال من جبل الصبايا(5). وكذلك طُحَال المَرِيْر الواقعة, كما يقول ابن ماجد “على مباحر جبل الصبايا لليمن قليلا”. أما جزيرة أَلَم, فيذكر أنها “بحري (أي غربيّ) جبل الصبايا بالسواء”. ويسمي ابن ماجد أيضا الجزء المحيط بجبل الصبايا من البحر الأحمر إلى ساحل حلي باسم “بحر الحَلَاوِنَة”(6)، وهذه التسمية نسبة إلى سكان وادي حلي الذين يُعرفون بهذا الاسم ‌“الحَلَاوِنَة‌“ حتى العصر الحاضر(7). وهكذا يتضح أن جزيرة جبل الصبايا كانت من الشهرة في عهد ابن ماجد بحيث كان يحرص على ربط مواقع الجزر والشعاب المتناثرة في ذلك الجزء من البحر الأحمر بموقع جبل الصبايا . ويبدو أيضا أن ابن ماجد كان كثير التردّد على هذه الجزيرة, لكونها كانت آهلة بالسكان في زمانه كما سيأتي بيانه لاحقًا, يتضح ذلك من سياق حديثه عنها، واستخدام عبارة “في سنة من السنين”(8) . أي سنة واحدة من عدة سنين ربما رأى فيهّن الجزيرة أو وصل إليها. هذه الجزيرة، كما يتضح من اسمها, عبارة عن جبل قليل الارتفاع, يتكون بصورة رئيسة من شعاب مرجانية صعبة الاجتياز إلا من منافذ محدّدة. وهي تحيط بالجزيرة مما يلي البحر، مشكّلة سورًا حصينًا للمواقع الداخلية . وهذه الشعاب المرجانية تأخذ في الانحدار التدريجي إلى الداخل، تاركة في الوسط منطقة طينية مستوية, صالحة للزراعة، تتخللها المنخفضات التي تكوّن أودية قصيرة المدى، أشهرها: وادي الكعْد، ووادي النِّيْل، إلى الشمال الغربي من الجزيرة, إضافة إلى واد آخر، لا يُعرف اسمه, يقع إلى الجنوب الشرقي، ويصبّ في المنطقة التي يُعتقد بأنها كانت تشكل المرسى الرئيسي للجزيرة. يتوافر في هذه الجزيرة كثير من العوامل المساعدة على الحياة والاستيطان، فقد لوحظ أن فيها أراضي زراعية خصبة, تجود بجميع المحصولات الزراعية المتوافرة في تهامة، وتنبت فيها جميع الأشجار التي توجد في الساحل المقابل لها في وادي حلي. وفيها بئر غزيرة عذبة، لا يزال ماؤها سائغًا للشرب حتى آخر عهد لي بها في أثناء زيارتي إليها قبل 40 عامًا حتى الآن, وسمعت من بعض من زارها بعدي أنها لاتزال كذلك حتى عصر الناس هذا. وشواطئها غنية بمختلف أنواع الأسماك المشهورة في البحر الأحمر التي كان يعتمد قطاع كبير من السكان المحليين على اصطيادها وتجفيفها, وتصديرها إلى خارج الجزيرة لبيعها(9). وهي فوق ذلك، من الناحية الجغرافية، تقع بالقرب من الخط الملاحي العالمي الذي يربط الشرق بالغرب عبر البحر الأحمر. وفيها أماكن صالحة للرسو، مما يُعتقد بأنها كانت محطة تستخدمها السفن التجارية الدولية المارة بهذا الخط إبّان عصور ازدهاره. كل هذه العوامل مجتمعة ساعدت على الاستيطان والحياة في جزيرة جبل الصبايا، وهيأتها لأن تكون هي الجزيرة الوحيدة المأهولة من بين جزر المنطقة رغم صغر مساحتها التي لا تتجاوز سبعة كيلومترات في الطول، وحوالى أربعة كيلومترات في العرض. وهي مساحة صغيرة عند مقارنتها، على سبيل المثال، بمساحة جزيرة قُطُوْع الواقعة جنوب شرق جزيرة جبل الصبايا بقليل. ويتضح من المسح الأثري الذي أجريته في وقت سابق عن جزيرة جبل الصبايا أن الحياة فيها كانت تتركز في جنوب شرق الموقع, أي في الجزء المواجه لوادي حلي من ناحية المرسىَ . فقد عُثر في هذا الجزء على مواقع السكن والمقابر وغيرها من الأمور ذات الدلالة الأكيدة على حياة الاستيطان هناك. ويأتي في أول هذه الأدلة الحيّ السكنيّ، وهو الحيّ الوحيد الذي تم اكتشافه حتى الآن في الجزيرة، ويقع على ربوة في وسط الوادي إلى الشمال الشرقي من المرسى بحوالي ٥٠ مترا . وهو عبارة عن تل أثريّ، خماسيّ الشكل لا توجد فيه حين زيارتي له أي منازل قائمة، وإنما توجد بعض أساسات البيوت, وركام المنازل التي تتكون في الغالب من الحجر البحري الذي يُقْتَطع عادة من الشعاب المرجانية، ويُستخدم على نطاق واسع في بناء منازل المدن السّاحليّة التهاميّة(10). كما يُعتقد بأن البناء بأعواد النبات والحشائش استخدم بصورة واضحة في هذا الحيّ، ومعروف أن هذا النوع من البناء لا يترك آثارًا تدل عليه، باستثناء بقع بسيطة مغطاة بكسر الفخار والزجاج, توحي بأنها كانت أماكن للسكن. ولا يُعتقد بأن الاستيطان في هذه الجزيرة كان مقصورًا فقط على هذا الجزء من مساحتها, فقد وجدت في منخفض إلى الغرب من هذا الحي بحوالي كيلومتر واحد, منطقةٌ زراعيةٌ لعلها من أخصب مناطق جبل الصبايا, وهي تمتد لمسافات طويلة نسبيًّا إلى الشمال الغربي من هذا الموقع, حيث عُثر في هذه المنطقة على تقسيمات للأراضي الزراعية اُستخدمت فيها مادة البناء المستخرجة من الشعاب المرجانية, وبعض جذوع النباتات والعُقُم الترابية . فمن المحتمل أن هذه المنطقة كانت مأهولة، ولكن ربما اُستخدمت فيها المباني المكونة بصورة رئيسة, من جذوع وأغصان النبات والحشائش، والتي تعرف محليا باسم العُشَاش (مفرد: عُشَّة). وقد سبقت الإشارة إلى أن هذا النوع من المباني لا يترك آثارًا على المدى الطويل . ورأيت حينما زرت الجزيرة قبل 40 عامًا على الطرف الجنوبي لهذه المنطقة، عُشَّة مهجورة بُنيت من النباتات المتوفرة في هذه الجزيرة، وهي بحالة جيدة, ولعلّها كانت لأحد الساكنين الذين هجروا الجزيرة في النصف الثاني من القرن الماضي(11)، أو لأحد المنتجعين من سكان حلي الذين كانوا يذهبون إلى الجزيرة بمواشيهم قبل أن يضع حراس خفر السواحل (حرس الحدود) قيودًا على انتجاع الأهالي إلى الجبل بوسائلهم البدائية، تجنّبا لتعرضهم لأخطار الغرق في بحر غير آمن. وتقع البئر في الطرف الجنوبي لهذه المنطقة، ولعلها كانت مصدر الماء الوحيد لأهل الجزيرة، وهي- كما تقدم - بِئْر رويّة، كان ماؤها لا يزال سائغًا للشرب في أثناء زيارتي سابقة الذكر للجزيرة, وعليها دَلْو بِرِشَائِه, وُضِعَا لمن تضطرّه الظروف إلى البحث عن الماء من الصيادين والمرتحلين في هذا الجزء من البحر. وقد طُوِيَت هذه البئر بصخور مجلوبة من خارج الجزيرة، وهي صخور بركانية لعلها جُلبت من حَرَّة كنانة الواقعة إلى الجنوب من وادي حلي. وإلى الشمال الشرقي من الحي السكني بحوالي 650 مترا، تركت عوامل التَّعْرِيَة تكوينات في الجبل على شكل كهوف كبيرة، ملساء من الداخل، ربما اُستخدم بعضها للسكن، فقد لُوحظ وجود جدران وُضعت على الواجهات الرئيسة لهذه الكهوف، بحيث تشكل مع هذه الجدران ما يشبه الغرف التي ربما اُستخدمت للسكن الدائم، أو المؤقت في الجزيرة على مر العصور. وتوجد بجزيرة جبل الصَّبَايَا مقبرتان, تقع الأولى, وهي المقبرة الرئيسة، إلى الشمال من الحيّ السكنيّ بمسافة قصيرة. وهي تمثل شكلاً رباعيًّا مساحته التقريبية حوالي 600 متر مربعًا, وجميع القبور الموجودة فيها إسلامية، من حيث اتجاهها نحو القبلة، وهي مزدحمة بمدافنها التي يُلاصق بعضها بعضاً، وقد وُجد بعض هذه القبور في مجموعات تحيط بها بقايا أسوار من مادة البناء المستخرجة من الشعاب المرجانية غير المُشَذَّبَة، ولعل كل مجموعة منها كانت تخصّ عائلة بعينها، أو أسرة من أسر الجزيرة، كما تحيط ببعض هذه القبور بقايا أبنية لها محاريب، يُعتقد بأنها تمثل أضرحة بُنيت بطريقة بدائية، دون أسقف . وجميع هذه القبور تحمل شواهد قُدَّت من الشعاب المرجانية التي تشكل غالبية التكوين الطبيعي لجبل الصبايا. وهذه الشواهد تختلف في ارتفاعاتها بحيث يزيد ارتفاع بعضها عن المترين. ولم يُعثر على أي نوع من الكتابات على هذه الشواهد, ولعل ذلك يعود إلى عدم انتشار عادة الكتابة على القبور عند أهل جبل الصبايا, أو أن طبيعة الصخور لا تساعد على تسويتها والكتابة على بلاطاتها . وتقع المقبرة الثانية على بعد حوالى كيلومتر واحد‌ إلى الجنوب من الحيّ السكني والمقبرة الرئيسية, وهي مقبرة صغيرة، وليست في أهمية المقبرة الأولى، سواء في مساحتها أم في عدد القبور التي تحتوي عليها, أوحتى أشكال شواهدها . ويعتقد أهالي حلي بأن المقبرة الأولى كانت لآل مَهَاب أو ودّانَة (ربما قبيلة وَيْنَة)، أما الثانية, فتخصّ قوما من هُتَيْم . وليس غريبا أن تُنسب المقبرة الرئيسة إلى آل مَهَاب؛ لأن هذه العشيرة تعيش اليوم في منطقة معروفة بساحل حلي. ومن المحتمل أنها نزحت من الجبل عندما لم يُطِبْ لها المقام هناك, واستوطنت في المنطقة المشار إليها آنفا . أما هُتَيْم, فمعروف أن موطنها في شمال المملكة(12)، ومع هذا فلا يُستبعد أن تكون طائفة من هذه القبيلة هاجرت إلى تهامة, واستوطنت بهذه الجزيرة . تُعَد جزيرة جبل الصبايا, من الناحية الإقليمية, تابعة لوادي حلي قديمًا وحديثًا, وهي معدودة حتى اليوم ضمن نطاق قبيلة كنانة المشهورة التي تتخذ من مدينة مَخْشُوْش مقرًا لها في الوقت الحاضر(13). وكان يرأس هذه القبيلة الشيخ عبدالرحمن بن عيسى الكناني حتى عهد ليس بالبعيد، وكان صاحب نفوذ قوي يشمل جميع الأراضي الكنانية بما في ذلك جزيرة جبل الصبايا التي قيل إن أهلها كانوا فيما مضى يدفعون زكواتهم من المواشي والحبوب إلى أجداد هذا الشيخ . أما في الوقت الحاضر فإن شيخ قبيلة كنانة بساحل حلي (مركز كنانة), ومن يساكنهم فهو الشيخ مطلق بن عبدالرحمن بن عيسىَ الكناني. تجدر الإشارة إلى أن جزيرة جبل الصبايا مهجورة تماما في الوقت الحاضر، وليس فيها أي ساكن, أما في الماضي، فلم تذكر المصادر الميسورة شيئًا عن تاريخ الاستيطان فيها، ولا عن هجرة سكانها واندثارها, ومن المحتمل أنها كانت عامرة في العصور الإسلامية المتزامنة مع نهضة المواقع الأخرى في إقليم حلي، وبصورة خاصة خلال فترة حكم الأسرة الحَرَامِيّة لهذا الإقليم جنبًا إلى جنب مع من عاصرهم من بني كنانة، ومعلوم أن نفوذ تلك الأسرة الحرامية بدأ في الظهور في بعض المصادر التاريخية منذ القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي(14) . ويبدو أن هذه الجزيرة استمرت آهلة بالسكان حتى أواخر القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي, يتضح ذلك من إشارة عابرة وردت عند ابن ماجد فى أثناء حديثه عن اكتشافه لشعب عيسى, المجاور لجزيرة جبل الصبايا, حيث يقول: “وإشاراته أنه شعب عليه الماء قدر بَاعِيْن أوبَاعِيْن ونصف ... وإنِّي قد نَتَخْتُه في سنة من السنين, ولم أعرف ما اسمه، .... ورأيته عن يميني, وبقيت أسأل أهل جبل الصَّبَايَا، فوصفوه لي، فعرفته، وحكمت عليه بالقياس”(15). ويتضح من هذه الاشارة أن جزيرة جبل الصبايا كانت آهلة بالسكان في الزمن الذي عاش فيه هذا العالم الكبير المشار إليه آنفًا، ومن المحتمل أنها بدأت في الاضمحلال بعد التحوّل الكبير الذي طرأ على خط الملاحة العالمي، عندما اكتشف الملاح البرتغالي فاسكودا جاما طريق رأس الرجاء الصالح في عام ١٤٩٧م بمساعدة أكيدة من البحّار العربي أحمد بن ماجد، سابق الذكر، وما نتج عن ذلك الاكتشاف, من تحول كبير في طريق الملاحة العالمي من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي, وما تبعه من أضرار جسيمة حلّت بموانيء اليمن والحجاز بعد تلك المدّة(16) . فيبدو أن هذه الجزيرة فقدت, نتيجة لذلك, واحدًا من أهم مقوماتها الحياتيّة، إذا افترضنا أنها كانت إحدى محطات السفن التجارية الدولية في البحر الأحمر, ومع ذلك فإن الجزيرة ظلّت عامرة بالسكان إلى ما قبل 70 عامًا من الآن كما أشرنا إلى ذلك سابقًا, ويبدو أن انتشار التعليم, وبداية الانتعاش الاقتصادي في وادي حلي هو ما أغرى سكان الجزيرة بالهجرة منها إلى خارجها. أما عودة الحياة إلى جزيرة جبل الصبايا فيرجع إلى ما تضطلع به حكومتنا الرشيدة – أيدها الله – في ظل عهدها السلماني الزاهر من تسخير جميع موارد التراث التقليدي والعمق التاريخي, والتنوع البيئي لصالح تنمية الوطن ونموه وازدهاره, وإسعاد شعبه كونها موارد مستدامة وغير قابلة للنضوب, وما يعوّل عليها من إسهامها بشكل فاعل في الدخل الوطني للمملكة, وتوفير فرص عمل جديدة لأبنائها وبناتها في مستقبل أيامهم. وهذا ما حصل ويحصل بالفعل, وبخطى متسارعة في البحر الأحمر وجزره التاريخية بما فيها جزيرة جبل الصبايا التي يجرى العمل فيها حاليًّا على قدم وساق لأن تكون وجهة سياحية بحريّة يقصدها السيّاح من الخارج والداخل ضمن الحملات السياحية الدولية التي تجوب البحار (الكُرُوْز), وكذا ربطها بالبر المقابل لها من الشرق عن طريق إحياء ميناء حلي, تسهيلًا لمن سيزورها عن طريق ذلك الميناء الذي من المتوقع أن يختصر المسافة بينه وبين الجزيرة بما لا يزيد على 20 دقيقة, وتلك لفتة حكيمة من لدن حكومتنا الرشيدة, انطلاقًا من مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي أتت أكلها ولما تنقض عليها نصف المدة المخططة لها. على أنني آمل من الجهة المختصة بجزيرة جبل الصبايا المحافظة على الاسم التاريخي للجزيرة والميناء المقابل لها في ساحل حلي؛ لأن ما نلحظه من إطلاق اسم “صبا” على شاطئها الجديد لا يُعبّر عن اسمها التاريخي الذي حفظته لنا المصادر التاريخية, وتداولته الأجيال جيلًا بعد جيل, وأصبح مشهورًا إعلاميًّا على نطاق واسع. الإحالات *- زرت جزيرة جبل الصبايا عدة مرات قبل 40 عامًا من الآن, وأجريت لها مسحًا أثريًّا شاملاً نشرته ضمن بحث لي مطوّل بعنوان: المواقع الإسلامية المندثرة في وادي حلي”. انظره في حوليات كلية الآداب بجامعة الكويت, الحولية السابعة الرسالة 39, الكويت: 1406هـ/1986م. (1) ابن منظور، لسان العرب المحيط, إعداد يوسف خياط, بيروت, د.ت, جـ ٢, ص408. (2) انظر: الريحاني، أمين, ملوك العرب، بيروت, 1980, جـ ١, ص ص 368 - ٧٠, ٣٧٧ – ٨٤, وفي أماكن متفرقة. (3) كتاب الفوائد، تحقيق إبراهيم خوري وعزة حسن, دمشق: مجمع اللغة العربية, 1390هـ/1971م, ص 351, 353. (4) البلادي، عاتق, بين مكة واليمن، مكة المكرمة: دار مكة, 1404هـ/1984م, ص 138. (5) كتاب الفوائد، ص ص 355, 383-384. (6) المصدر نفسه, ص 384. (7) Thesiger, W. «A Journey Through the Tihama The Asir, and Hijaz Mountains», The Geographical Journal, Vol.Cx1947 P.191 (8) كتاب الفوائد، ص 352. (9) انظر: جريدة المدينة, العدد المنشور بتاريخ 22 ديسمبر 2010م تحت عنوان: “جزيرة جبل الصبايا حسناء البحر الأحمر تنتظر الاستثمار والسياحة”. (10) البلادي: بين مكة واليمن، ص 135. (11) آخر من غادر الجزيرة إلى حلي قبل حوالى 70 عامًا من الآن رجل يدعى حسين الشريف ومعه ستون رجلا وامرأة من سكانها, وهو يذكر أنه من مواليد الجزيرة, وأن عمره حين هاجر 10 سنوات. انظر: “جزيرة جبل الصبايا حسناء البحر الأحمر تنتظر الاستثمار والسياحة”, جريدة المدينة, 22 ديسمبر 2010م. (12) كحالة، عمر رضا, معجم قبائل العرب، بيروت: دار الملايين, جـ ٣، ص 1209 . (13) البلادي، بين مكة واليمن، ص ص ١٩٣ - ٩٤ . (14) انظر: عمارة، نجم الدين, تاريخ اليمن، تحقيق محمد بن على الأكوع, ط3, صنعاء: المكتبة اليمنية للنشر والتوزيع, 1985م, ص ١٦٤؛ الهمداني، الحسن بن أحمد, صفة جزيرة العرب، تحقيق محمد بن علي الأكوع, الرياض: دار اليمامة, 1974م, ص ٢٥٩؛ ابن حوقل، أبو القاسم النصيبي, صورة الأرض، ط2, ليدن: 1967, ص ٣٤. (15) كتاب الفوائد، ص ص 351 - 51 . (16) فاروق أباظة، عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر، القاهرة: الهيئة العامة للكتاب, 1976م, ص ص ٣٥ -٣٧ .