من هم اللحيانيون؟.

مملكة لحيان.... لا شك أن وجود اللحيانيين في العلا كان قديما ...ولا شك أن موقع العلا لعب دورا تجاريا كبير فمن هم اللحيانيون وأين تقع مملكتهم؟ تقع العلا عاصمة مملكة لحيان القديمة في وادي القرى جنوب شرق حرة عويرض، ولموقع العلاء على طريق التجارة دور كبير في ازدهارها خلال عصور ما قبل الاسلام. وقد ذكر أن هذه المدينة كانت تسمى قديما (ددن أو ديدان) وجاء ذكرها في التوراة وفي النصوص الديدانية واللحيانية. (1) سكن المنطقة مجموعة من القبائل العربية التي استطاعت أن تؤسس دولا امتد تاريخها من القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الأول ميلادي، حيث يذكر أن أول من سكن هذه المدينة هم الديدانيون في القرن 6ق.م ثم اللحيانيون وحكموا فترتين الفترة اللحيانية المبكرة في القرن 5ق.م والفترة اللحيانية المتأخرة في القرن 3ق.م ثم المعنيون اللذين وجدوا في المنطقة ما بين القرن 5ق.م والقرن الأول الميلادي وانتهى حكمهم على يد الأنباط. (2) وتذكر المصادر الكلاسيكية أن اللحيانيون سكنوا شمال الجزيرة العربية وكانت عاصمتهم (الخريبة) وتوسعت حتى شملت مدينة العلاء كاملة وامتدت حتى مدائن صالح شمالا ويدل على ذلك انتشار الكتابات اللحيانية في المنطقة ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان هناك وجود واضح للحيانيين في قرية ذات كهل (الفاو حاليا) حيث عثر على نصب تذكارية ومقابر عائلية لحيانية، وكثيرا من النصوص التي تحمل أسماء قبائل لحيانية (3) إن ازدهار أي دولة يعود إلى قوة اقتصادها، فنظراً لموقع العلا الاستراتيجي على الطريق التجاري القادم من جنوب الجزيرة العربية والمتجه إلى بلاد الشام وسواحل البحر الأبيض المتوسط شمالا الذي كانت له أهمية تجارية خاصة، حيث كانت تقع عند ملتقى طرق القوافل القادمة من جنوب الجزيرة والعراق والشام ومصر مما ساعد على ان يكون للحيانيين مكانة رفيعة في عالم التجارة، فقد استفاد اللحيانيون من الخدمات التي كانوا يقدمونها لأصحاب تلك القوافل مثل تقديم الطعام والشراب لهم ولدوابهم. كما لعبت الزراعة دورا كبيراً في اقتصاد اللحيانيين حيث إن لتوفر المياه والأراضي الصالحة للزراعة دورا كبيرا في قيام النهضة الزراعية بالمجتمع اللحياني. حيث أِشارت النقوش إلى عدد من المحاصيل منها ثمار النخيل والتمر وعدد من الحبوب والخضروات. كما أن الرعي كان أحد مقومات الاقتصاد اللحياني حيث توافرت المراعي في منطقة العلا وكشفت النقوش اللحيانية عن أسماء عدد من الحيوانات منها النوق والتي تعني الإبل المدرة للحليب. ويتمثل نظام الحكم في المجتمع اللحياني بالنظام الملكي الوراثي الذي يلعب دور كبيرا بحياة الاستقرار، فمعظم النقوش اللحيانية ترد فيها لفظ ملك مما يدل على أن هذا المجتمع قد وصل لدرجة من الرقي والتقدم والاستقرار، فوجود ملك يعني وجود سلطة لها دور في تنظيم الحياة بالمجتمع. فقد كان الملك يستمد قوته من المعبود والمعبد مما يؤكد وجود ارتباط بين السلطة المدنية والدينية. كان الملك هو المتصرف في الموارد الاقتصادية من زراعة وتجارة ورعي الى جانب دخل المعبد وفرض الرسوم ومتابعة الجبايات (5) ومن خلال دراسة النقوش اللحيانية المكتشفة بصفة عامة يتضح لنا ان المجتمع اللحياني مجتمع وثني كبقية معظم المجتمعات التي عاشت في الجزيرة العربية في تلك الفترة، وكان للدين في المجتمع اللحياني مكانة كبيرة كبقية مجتمعات جنوب الجزيرة العربية وشمالها(6) وتبرز أهمية الدين لدى اللحيانيين من خلال بنائهم للمعبد، فهناك رجال دين مهمتهم خدمة الاصنام وبيوت العبادة ودور الشعائر الدينية وتعلم الناس أمور الدين وكانوا يعرفون باسم (افكل) الى جانب ممارسة النساء لهذه المهنة وقد عرفت المرآه اللحيانية باسم (افكلت) أي (كاهنة). كان للقرابين والهدايا والنذور المقام الأول في العبادة اللحيانية وفي إرضاء الآلهة لأنها ظاهرة ملموسة ومتكررة في النقوش التي تركوها لنا. واستخدم اللحيانيون عدد من الالفاظ التي تدل على التقدمة (هدق- هدقت- هدقوا) ومن الأشياء التي قدمها اللحيانيون للإله الزكاة عن الأراضي والمحاصيل الزراعية وكل شيء ثمين يمتلكونه ومنها تقديم أولادهم كنذور للإله. (7) تبين من دراسة النقوش اللحيانية ان اللغة اللحيانية عربية شمالية (8) اشتقت من القلم المسند (9) ولم ينقل أهل الحجاز القلم المسند نقلا تاما، بل عدلوا بعض حروفه وأجروا بعض التغيير عليه مما أدى الى ظهور القلم اللحياني، وكتبت النقوش اللحيانية في أسطر متوازية وشبة متوازية وفي بعض الأحيان يوضع خط افقي يفصل بين السطر والأخر أو يستخدم الخط العمودي للفصل بين الكلمات. حيث تبلغ عدد الحروف اللحيانية 28 حرفا لكل حرف أكثر من شكل إلا أنها متقاربة، وتتفاوت النقوش اللحيانية في أحجامها بين الطويل والقصير. واختلف المؤرخون في نهاية مملكة لحيان فمنهم من يرى أن نهايتهم كان على يد الأنباط 200 ق.م، وبعد انهيار دولتهم ذهب قسم منهم الى الحيرة جنوب العراق والقسم الآخر عاد وسكن حول مكة وهم لا يزالون حولها حتى اليوم، فمكة هي موطنهم الأصلي قبل انتقالهم الى العلا فهم من بني هذيل سكان هذه الديار ولا يزالون معروفين في موقعهم حتى الان. المراجع:..................................................... 1 - الأنصاري، عبد الرحمن، لمحات عن بعض المدن القديمة في شمال غربي الجزيرة العربية، مجلة الدارة، العدد الأول، 1975م، ص 79. 2 - الأنصاري، عبد الرحمن، دولة لحيان وجهه نظر جديدة، مجله التاريخ العربي، العدد 1999،11م، ص46 3 - أبو الحسن، حسين، قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بمنطقة العلا، الرياض ،1997، ص388. 4 - المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد، نسب عدنان وقحطان، ط 1، 1353م، مكتبة المعارف، القاهرة، ص 6 5 - اللحياني، مساعد، لحيان بين العلا ومكة، الطبعة الأولى، الرياض ،2004م ص ص 15- 34 7 - علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج/6، 1980م، ص426-425 8 - علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج/3، 1953م، ص 426 9 - علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج8 ،1978، ص231-230