بناء الجسور بين المذاهب.

«نحو مؤتلف إسلامي فاعل» كان هذا الشعار هو الصيغة النهائية التي لوّح بها المجتمعون في مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة الأسبوع الماضي بحضور كبار مفتي وعلماء العالم الإسلامي، ومن مختلف المذاهب الإسلامية، وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين. الشعار الذي ينطق بوضوح بالرغبة في تحقيق «الائتلاف» الإسلامي الذي أكد عليه الحاضرون، يأتي في سياق التأكيد على تفعيل البرامج التنفيذية التي أقرتها التوصيات الختامية، وهذا ما يميز هذه النسخة الثانية من هذا المؤتمر. مضامين مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب يأتي امتداداً لـ «وثيقة مكة» التي تم إقرارها في 2019 بحضور أكثر من 1200 عالم دين من عموم العالم الإسلامي، والتي جاءت لتقرّ بحقيقة التعدد والتنوع في المذاهب الإسلامية، ووجوب نبذ الخلاف والفرقة والتباغض. كذلك أكدت النسخة الثانية من مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، وخصوصاً في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة الإسلامية، وفي هذا الوقت الذي بدأت فيه أصوات الطائفية والتناحر تجد من يسمع لها. تأخذ المضامين التي حملها المؤتمر أهميتها من طبيعة المؤتِمرين الذين يمثلون أعلى المرجعيات الدينية من كافة بلدان العالم الإسلامي ومذاهبه. لقد باتت المملكة – بحق – راعٍ للسلام العالمي ولكل ما يؤدي إلى تحقيقه، وتبدأ أولى خطوات تحقيق السلام المفضي للتعايش من هذه اللحظة التي تُنبذ فيها الاختلافات والأفكار المتطرفة، ويُدعى فيها إلى حالة من التعايش السلمي المؤمن بالتعددية بين كافة المتنوعين في الأفهام، واستيعاب هذا الاختلاف في سياق تفعيل المشتركات الجامعة، وتجاوز كل ما من شأنه بث الفرقة والكراهية والتباغض. المؤتمر (الإسلامي) يفصل بينه وبين اللقاء (العالمي) المرتقب بين أمريكا وروسيا في جدة أيام قليلة، وهذا ملمح بالغ الأهمية فيما أصبحت عليه المملكة كصانعة للسلام العالمي. لقد بات الدور السعودي دوراً عالمياً، وهذا أيضاً يضيف عبئاً كبيراً إلى منظومة الدبلوماسية السعودية في كافة الاتجاهات.