إعلامٌ أم إعدام !؟

لاشك أنَّ الإعلامَ المهني المتزن يعتبر أحد الركائز الأساس للنهوض والارتقاء بأي أمة ، أو دولة وما يتشكَّل تحتها من كياناتٍ وهيئات ومؤسسات . وهو بوابةُ عبورها للوصول والاتصال بالعالم الخارجي ، وواجهتها الحضارية التي تكون محط الأنظار ، ومسترق الأسماع  ؛ لما يمثلهُ من صوت ينقلُ الحقائق ، ويصورُ الوقائع ، ويشرح ما يدور في مشهد الأحداث المناطة به ، والمحاطة بعنق مهنيته  ؛ ليكون تحت مجهر النقد ، وعلى طاولة التقييم . يُقاس نجاح الإعلام بشتى أنواعه ، ومختلف وسائله…. بحجم تأثيره الإيجابي ، وما يقدمه من مخرجاتٍ حيَّةٍ وأمثلةٍ مباشرة ، وأيضاً في مدى إسهامه في تبني  القيم الاجتماعية السليمة وتعزيزها ونقلها بكلِّ شفافيةٍ و مهنية ، وأمانةٍ وصدق للمتلقي والمهتم . إنَّ أهم المعايير التي يبنى عليها نجاح الإعلام وبلوغه الغاية - القصوى - للتميز ، والسقف الأعلى للرقي  هو الحوار الهادف ، والنقاش القائم على تقبل الرأي الآخر واحترامه ، والتجرد من العاطفة والمحاباة في الطرح ، وإشباع وإثراء المتابع بمحتوى يقوم على تحري الدقة ، و صدق المعلومة  ؛ لأنَّ ذلك كله يمثل ميثاق أخلاقيات المهنة . وفي النهاية …  رسالة الإعلام التي لا تقوم  إلاَّ على التراشق والتشفي ، وإثارة المشهد ، وتأجيج المُشاهد ، ومصادرة وجهات نظر الغير ، وإقصائهم لمجرد أنهم لا يتوافقون في الميول ولا يتقاطعون في المصالح هي رسالة مشوهة و هادمة لاتنتمي للإعلام بصلة ، بل إنها بهذا الفكر والتوجه تُحوّل منابر ( الإعلام ) لساحات ( إعدام ) ؛ وتجعل القلم المهني الهادف آلة حادة في أيدي بعض من شوهوا هذه الرسالة السامية  ، والحرفة الشريفة .