الروائي أحمد السماري:

عملي الروائي الرابع سيصدر مطلع العام القادم.

حاولنا في هذا اللقاء الولوج إلى عالم الروائي أحمد السماري، وهو الذي قفز من آخر سلم في حياته الوظيفية وتخصصه في الزراعة إلى سطح الكتابة الأدبية والتأليف ليطل على المشهد الأدبي من نافذة الإبداع الروائي مستجمعًا فترة طويلة في القراءات ومستنيرًا من تجاربه وخبراته في الحياة. قلة أولئك الذين يستثمرون حين التقاعد في إنهاء مشاريعهم القرائية والكتابية والروائي السماري أحدهم. ذكر في الحوار الذي أجرته معه مجلة (اليمامة) أنه لا يزال هناك اعتقاد بأن الكاتب يكتب عن نفسه، رغم أن الأدب يقوم على التخييل والتنوع في وجهات النظر. وهناك بعض الأدباء تعرضوا للمساءلة أو حتى المنع بسبب شخصيات أو أفكار في أعمالهم، مما يجعل البعض يتوخى الحذر في الكتابة، وعن تجربة جيل الشباب وظاهرة الكاتب أسامة المسلم يرى أنه نجح في فهم ما يريده القارئ العربي الشاب، وملأ فجوة في الأدب العربي الحديث. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع أسلوبه، لا يمكن إنكار أنه أحدث تحولًا مهمًا في صناعة الكتابة العربية، خاصة في مجال الفانتازيا. وهو ظاهرة ملفتة في المشهد الأدبي العربي الحديث   -  وأشار إلى أن رواياته الثلاث مكانتها الخاصة في روحه، ولكن رواية (قنطرة) تحوز مكانة أكبر بعض الشيء، لتواجد عنصر المكان الحارة الشعبية في الرياض. وعن كثرة الفعاليات الأدبية ارتأى أنها قد تكون سلاحًا ذا حدين؛ فهي عنصر ضروري يردف المشهد الأدبي ويغنيه، لكنها قد تؤدي أحيانًا إلى إرباكه. بداية نبذة مختصرة وبطاقة تعريفية أدبية واجتماعية عن الروائي أحمد السماري * أحمد بن عبدالعزيز السماري؛ روائي سعودي، من مواليد عام 1962 م، في محافظة الدلم، وأقيم في مدينة الرياض. حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد الزراعي من جامعة الملك سعود عام 1984، وعملت في القطاع الخاص لسنوات عديدة. بدأت مسيرتي الأدبية بعد التقاعد، أصدرت روايتي الأولى “الصريم”2020، تُعتبر عملاً روائياً يستحضر حياة الأجداد ومعاناتهم في فترات صعبة من تاريخ نجد والجزيرة العربية.  تلتها رواية “قنطرة” 2022، ثم “ابنة ليليت”، التي نُشرت في عام 2024. كما كتبت العديد من المقالات الأدبية المنشورة في الصحف والمجلات وفي المواقع الأدبية ومواقع التواصل الاجتماعي. * بحكم أنني متفرغ الآن للأدب فإني منحاز له. -تخصصك زراعة وعشقك الرواية كيف استطعت الجمع بين عشقك للتخصص والأدب في قلب واحد وأيهما تعشق أكثر؟ * نعم، هذا صحيح، هناك الكثير من الأدباء والشعراء والفنانين العرب والعالميين، الذين برعوا في مجالات علمية أو مهنية مختلفة قبل أن يشتهروا في عالم الأدب. هذا يؤكد أن الإبداع الأدبي ليس محصورًا في تخصص معين، بل هو نتاج شغف وتجربة إنسانية واسعة!. وبحكم أنني متفرغ الآن للأدب فأني منحاز له بطبيعة الحال، لكن القطاع الزراعي كافأني بمجموعة مخلصة من الأصدقاء المتميزين ولازالت تلك الصداقة ولله الحمد متينة حتى هذه اللحظة. في المجتمعات العربية، يصعب الفصل بين الكاتب والنص. أكدت في رواية (الصريم) أنها مقتبسة من الخيال هل مازال الأديب العربي يعني من إسقاط شخصيات وأحداث أعماله السردية عليه اجتماعيا * نعم، لا يزال الأديب العربي يعاني من هذه الإشكالية، حيث يُنظر إلى شخصيات وأحداث أعماله السردية على أنها إسقاطات مباشرة على حياته الشخصية أو شخصيات ذات علاقة به، أو أنه يعبر عن مواقفه الفكرية والاجتماعية. ربما يرجع ذلك إلى الطابع الواقعي للأدب العربي، ما يجعل القارئ يفترض أن الشخصيات والأحداث مستمدة من تجارب الكاتب نفسه. بطبيعة الحال في المجتمعات العربية، يصعب الفصل بين الكاتب والنص لا يزال هناك اعتقاد بأن الكاتب يكتب عن نفسه، رغم أن الأدب يقوم على التخييل والتنوع في وجهات النظر. وهناك بعض الأدباء تعرضوا للمساءلة أو حتى المنع بسبب شخصيات أو أفكار في أعمالهم، مما يجعل البعض يتوخى الحذر في الكتابة. في بعض الأحيان، ويسهم بعض القراء في ترسيخ هذا الخلط، عندما يتم ربط الروائي بأحداث وشخصيات أعماله، وكأنه يروي سيرته الذاتية. ورغم ذلك، بدأ بعض الأدباء العرب ينجحون في تجاوز هذه النظرة، خاصة مع انتشار النقد الأدبي الحديث الذي يفرق بين الكاتب والنص، وكذلك مع تطور الوعي الأدبي لدى القراء. لكن لا تزال هذه النظرة تشكل تحديًا، خاصة عندما تتناول الرواية موضوعات حساسة. بعض الكتّاب يدمجون تجاربهم الشخصية في أعمالهم. - وما رأيك فيما يقال إن الرواية الأولى هي سيرة الكاتب؟  * القول بأن “الرواية الأولى هي سيرة الكاتب” فيه شيء من الصحة، لكنه ليس حكمًا مطلقًا، لأن الأدب بطبيعته مزيج من الواقع والتخييل. كثير من الكتّاب يستلهمون من تجاربهم الشخصية في أعمالهم الأولى، لأنهم يكونون في مرحلة اكتشاف صوتهم الأدبي وأسلوبهم السردي، فتأتي الرواية الأولى مشبعة بتجاربهم وأفكارهم وانعكاساتهم الذاتية. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها سيرة ذاتية مباشرة. هناك بعض الكتّاب يدمجون تجاربهم الشخصية في العمل بطريقة شبه مباشرة، مع تغيير بعض التفاصيل، مثل طه حسين في “الأيام” أو تشارلز بوكوفسكي في “مكتب البريد”، والطيب صالح في روايته الشهيرة “موسم الهجرة إلى الشمال” لكن جوابي لمن يريد كتابة روايته الأولى أن يختار فكرة روائية بعيدة عن واقعه، ويخلق عالماً جديداً كليًا لا علاقة له بسيرتهم.  فهم ما يريده القارئ العربي. - تنتشر بين الشباب روايات الرعب والخوف والأشباح - ما رأيك في ظاهرة أسامة المسلم لدى الجيل الجديد؟ * الكاتب أسامة المسلم نجح لأنه فهم ما يريده القارئ العربي الشاب وملأ فجوة في الأدب العربي الحديث. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع أسلوبه، لا يمكن إنكار أنه أحدث تحولًا مهمًا في صناعة الكتابة العربية، خاصة في مجال الفانتازيا. وهو ظاهرة ملفتة في المشهد الأدبي العربي الحديث، فهو أحد الكتّاب القلائل الذين استطاعوا كسر الصورة النمطية عن الرواية العربية، خاصة في مجال الفانتازيا والتاريخ والأساطير، وخلق قاعدة جماهيرية واسعة في زمن قصير. أتمنى له التوفيق والنجاح دائماً، ولجميع الزملاء المبدعين. في رواية “قنطرة” بصماتي الشخصية - من رواية (الصريم) إلى (القنطرة) إلى (ابنة ليليت) أين يجد السماري موقعه الروائي في هذه المسافة بعد ثلاثة أعمال روائية؟  * لرواياتي الثلاث مكانتها الخاصة في روحي، وربما رواية قنطرة تحوز مكانة أكبر بعض الشيء، لتواجد عنصر المكان الحارة الشعبية في الرياض، وأحسبني شاهداً على أحداثها وعن التحولات الاجتماعية والثقافية التي حدثت لها، في رواية “قنطرة” ستجد بصماتي الشخصية بلا شك، مثل كثير من الأعمال الأدبية التي تتأثر بخلفية الكاتب دون أن تكون سيرة ذاتية مباشرة، لكون الشخصية الرئيسة في الرواية هو فنان شعبي، حتى لو استلهمت بعض التفاصيل من حياتي أو مجتمعي، لكن خلق الشخصيات مسائلة متخيلة، وتعيش حيوات مختلفة. القصة جنس أدبي يحتاج إلى قدرات فنية خاصة. - هل حاولت كتابة القصة القصيرة؟ ولماذا؟ * لا ..لم أحاول، لكونه جنساً أدبياً مرموق ويحتاج إلى قدرات فنية خاصة، لا أعتقد بأني أمتلكها، وربما شغفي بالرواية أضعف بقية القدرات الإبداعية للأجناس الأدبية الأخرى. التوازن بين الترويج للأدب والحفاظ على جودته. - أنت متابع بالحضور للفعاليات الأدبية، برأيك هل كثرة الفعاليات تربك المشهد الأدبي أم تردفه؟ ولماذا؟ * كثرة الفعاليات الأدبية قد تكون سلاحًا ذا حدين؛ فهي   عنصر ضروري يردف المشهد الأدبي ويغنيه، لكنها قد تؤدي أحيانًا إلى إرباكه إذا لم تكن منظمة أو ذات قيمة مضافة حقيقية. لدي قناعة بأن الفعاليات تساعد في نشر الأدب وتعريف الجمهور بكتّاب جدد وأعمال متنوعة. وستوفر للكتّاب منصة للتفاعل مع القراء والنقاد، مما يعزز تطورهم الأدبي. وستخلق حراكاً ثقافياً متجدداً في الساحة الأدبية والثقافية. وتكسر الاحتكارات الثقافية من بعض الشخصيات المتكررة. أؤكد هنا بأن الفعاليات الأدبية مهمة ومفيدة جداً، إذا كانت منظمة وذات هدف واضح، أما إذا كانت مجرد تكرار بلا محتوى جاد، فقد تتحول إلى ضجيج يستهلك الأدب بدل أن يضيف إليه. المفتاح هو التوازن بين الترويج للأدب والحفاظ على جودته. روايتي القادمة تاريخية. * هل لديك إصدار جديد قادم وإن أمكن نبذة عنه؟ * أعمل على روايتي الرابعة، و أتوقع صدورها مع بداية سنة ٢٠٢٦ م بأذن الله. كل ما أستطيع قوله؛ أنه عمل تاريخي.