كتاب الفن التشكيلي السعودي، للكاتب محمد الحسيني..
نافذة على عالم التشكيل والهندسة البصرية.

رحلة في الوان الذاكرة حين يُهدى لك كتاب فأنه شعور جميل يُدخلك إلى نافذة جديدة ترى من خلالها العالم من منظور مختلف ، حقيقة هذا ماشعرت به عندما رأيت كتاب « الفن التشكيلي السعودي « جاءني وأنا كُنت داخل رحلة فنية في طبيعة «الحريق» كلما تصفحته تعمقت في عوالم من الإبداع ، التقى فيها الفكر باللون والروح بالقماش . عجباً لمَ قراءته من أسماء في المشهد التشكيلي السعودي ، مبدعين وفنانين امتزجت ارواحهم بألوانهم ، فأصبحت لوحاتهم ترجماناً لوجدانهم ، كان كُل اسم له بصمته وقيمته ، ولكن كان منهم من يأخذك إلى الكتابة عنه ، لأنك لا تستطيع أن تجعله يمُر عابراً بل يترك أثراً لا يُنسى . من بين تلك الأسماء استوقفني الأستاذ عبدالعزيز عبدالرحمن الدريهم حيث كانت ريشته ذاكرة ، كان روح تُترجم الألوان كان علامة فارقه في هذا الكتاب حول الفن إلى حوار ممتد بين الحاضر والمستقبل ، كُل صوره رأيتها له ، وكُل سطر قرأته كُنت أشعر انه لم يعبر عن نفسه بل كان يرسم ملامح الفن السعودي بروح تفيض بالحياة . وأنا انتقل من سيرة إلى أُخرى كأنها رحلة زمنية بصرية ، وجدتني أنتقل دون وعي إلى ضفة أخرى حيثُ أسمٌ آخرى يلمع أنه « محمد موسى السليم « كان قصة فنية تجاوزت الجغرافيا والحدود ، رجل بدأ رحلته من « مرات» ليصل صوته إلى إيطاليا ، حيثُ تعلم كيف يتحول الفن إلى هندسة بصرية والمجسمات إلى حكايات منحوتة . شدني كثيرا حين عرفت أنه أول من فتح معملاً لإنشاء المجسمات في المملكة ، توحلت أعماله إلى لوحات تنبض بالحياة . كُنت كمن يعبر جسراً بين المرئي وغير المرئي ، كُل صورة كانت حكاية ، وكُل اسم كان باباً إلى عالم جميل وجدتني أمام تجربة الفاضل « فيصل بن صالح النعمان « الرجل الذي جمع بين صلابة النحت ورهافة الشعر ، ليصوغ من الفن رسالة لا تتهشم لم يكن مجرد نحات ، بل كان كمن يحفر القصائد على الحجر ، خاض تجربته المنفرده حيث تعامل مع جميع أنواع الأحجار يختبرها كما يختبر الشاعر قوافيه . أبرزها مجسم «الإرهاب « الذي قدمة إلى الأمن العام لشرطة الجوف ، ولو نظرنا في المنحوتات عبر الزمن من تاريخ مصر القديم لم يبقى إلا صمت الإهرامات وكلاهما فن تشكيلي نحت الزمن ملامحهما كما نحتا هيبة البقاء ، حيث تتهاوى الحضارات ويبقى الفن شاهداً على سرّ الإنسان الأبدي . في ختام رحلتي بين الصفحات كان لا بد أن أتوقف عند عراب ثقافة الرياض «عبدالله الحسني « الذي منح الساحه الفكرية والفنية بعداً جديداً ، مايميز. طرحه هي رؤيته العميقة التي تتناول الفن التشكيلي كحالة جماليه متغيرة ، حيثُ يرى أن علاقتنا بالألوان ليست لحظة طارئة ، بل تجربة متكررة يعيشها الجميع وفي مقالة في كتاب الفن التشكيلي تحدث عن الدعم والتمكين الذي يحظى به الفن التشكيلي في المملكة ، وكيف أصبحت المملكة في خضم تحول ثقافي مُذهل ، كقوة حضارية تضعنا أمام قصدك مرحلة استثنائية تتماشى مع رؤية 2030 لم يكن كتاب « الفن التشكيلي السعودي « مجرد سجل لأعمال فنية بل كان نافذة على ذاكرة الوطن حيث الفن ليس مجرد رفاهية ، بل تاريخ يُكتب بالألوان ، وأثراً لا يمحوه الوقت .