
تحدثت الدكتورة مها كلاب عن تاريخ المقاهي الأدبية في الدول الغربية والعربية، واعتبرت أن المقاهى تحولت إلى أماكن أشبه ما تكون لمنتديات أدبية أصبح يداوم الأدباء على حضورها ويدور النقاش بينهم في أحدث القضايا والمستجدات الأدبية والثقافية، وكانت مكانًا أيضًا يجمع الصعاليك وجماعة (يصطفلو) كما أطلق عليهم ، وأشارت إلى اختلاف قوانين المقاهي في استقبال روادها من الأدباء والمثقفين والجمهور، وأصبحت بعض المقاهي مكانًا ثابتًا يعرف به تواجد رواد الأدب جاء ذاك في الشريك الأدبي (مقهى 89) وشارك في الأمسية الشاعر السوري عبد المنعم جاسم الذي ألقى شعرًا نال استحسان الجمهور وتفاعل مع قصائده، وذكرت كلاب في بداية الأمسية “لعبت المقاهي أدواراً في الاجتماعات الأدبية والثقافية حيث كانت مكانا يتسامر فيه أبرز أدباء العالم الراغبين في تمضية بعض الوقت حول فنجان قهوة أو كوب من الشاي، لدرجة أن بعض المقاهي أصبح معروفاً في عالم الأدب والثقافة بفعل روَّاده من الأدباء الذي فاق رواده من عشاق القهوة والشاي والسمر، وحولوا هذه المقاهي إلى منتدى أدبي” وأضافت “و لدت المقاهي الأدبية في فرنسا في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، وكانت أماكن يجتمع فيها المثقفون لمناقشة القضايا ذات القيمة الثقافية مثل الفن والأدب والمسرح والفلسفة، وأنشأ الأرمني باسكال في باريس أوّل مقهى، بينما أنشأ الإيطالي (فرانشيسكو بروكوبيو) أول مقهى في مدينة (باليرمو) في أواخر القرن السابع عشر. وكان ( بيروكوبيو) صديقًا للشعراء والأدباء الإيطاليين والفرنسيين، وقد دَرَجَ الشعراء يلقُون قصائدهم، وسط مرتادي المقاهي” . وتابعت كلاب “ عرفت مصر المقاهي في القرن التاسع عشر، أثناء فترة الحكم العثماني، وقد أحصى العالم المؤرخ علي باشا مبارك في خططه ما يقرب من 1027 قهوة في القاهرة عام 1880” وأشارت إلى أن أول مقهى في الرياض هو مقهى الزهور لابن عبدان ويقع في ميدان وزارة العمل وافتتحه الملك سعود عام (١٣٧٤) ولم تكن المقاهي آنذاك سوى كافتيريا ومتنزه للأهالي إذ لا تباع فيها (الأرقيلة).وفي جدة كان يوجد مقهى يطلقون عليه اسم مقهى المحكمة ، كان مفتوحاً 24 ساعة في اليوم وطول العام. وكان رواده في المساء المتأخر تحديداً من الأدباء والكتَّاب والصحافيين، الذين يفدون عليه بعد تجهيز الصحيفة للطبع. يجلسون هناك حتى ترسل الشمس نورها واستعرضت كلاب في أمسيتها الدراسة التي أعدها الباحث ماهر شرف الدين عن تاريخ المقاهي الأدبية مشيرة إلى أن (الطاحونة) هو اسم المقهى الذي بدأ فيه غابرييل غارسيا ماركيز حياته الأدبية، أما مقهى (المودكا) الشهير في شارع الحمراء البيروتي، كانت تشيع النكتة التي تقول إن الكاتب الراحل عصام محفوظ كان يتذمَّر دوماً لأن بيته بعيد عن المودكا ، وكان يعلن أمنية مفادها أنه لو ربح جائزة مالية كبيرة، فإنه سيشتري الطابق الذي يقع فوق المقهى، كي يتسنّى له النزول بلباس النوم إليه، وعن مقهى الصعاليك ، أشارت الدراسة إلى أنه أقدم مقاهي فلسطين الثقافية، إذ تأسس في العام ( 1917)م في مدينة القدس، ووضع دستوراً سماه(دستور الصعاليك)، حدّد بموجبه شروط العضوية في هذا المقهى، ومنها: منع استضافة الآخرين، أو قبول ضيافتهم. وأيضاً، لزوم (تدخين الشيشة!!) عكس لزوم تدخين الشيشة في (الصعاليك المقدسي)، كان مقهى (ريش القاهري) (تأسس عام 1908م)، يمنع تدخينها، أو لعب الكوتشينة (ورق اللعب)، أو طاولة الزهر، معللاً ذلك بالطبيعة الثقافية للمقهى وروَّاده. لم يكتف بعض تلك المقاهي الثقافية بصوغ دستوره الخاص، فإن بعضها الآخر أنشأ أحزاباً فكاهية: مقهى (البرازيلي الدمشقي)، الذي اكتسب شهرة واسعة في الخمسينيات والستينيات، وكان لا يقدِّم لزبائنه سوى القهوة، كان مقراً لـ حزب( يصطفلو) ، الذي يدعو إلى اللامبالاة، وعدم الاكتراث بما يحدث. أما شعار أعضائه فيقول: نحن إخوان الصفا، وخلان الوفا، والحكي بالقفا ثم تناولت مبادرة الشريك الأدبي، ودورها في انتشار الأمسيات الأدبية وحضورها من مختلف الأعمار والأجيال في الكوفيهات والتي تعادل المقاهي سابقا، وأصبحت رافدًا من روافد الأدب في الوطن، وفي ختام الأمسية أجابت على تساؤلات الجمهور واستمعت لمداخلاتهم .