المرأة العاملة والرجل العاطل.

قبل كل شيء يجب احترام المرأة، إنها رمز العطاء بل رمز الحياة مثلها مثل الرجل، قبل عقدين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر كانت العقلية الذكورية المتحجرة ترفض الاعتراف بهذا الواقع، كانوا يحاولون قمع الإناث بسبب ميل الذكور إلى العدائية والعنف والتدمير وقدرتهم على القمع. المرأة كانت مستسلمة وتسلم عقلها للرجل، وفي ذات الوقت تعلمت كيف تتعامل مع الرجال رغم عقليتهم المتحجرة. الماضي ملطخ بالنقاط السود، والسبب بسيط، هو أنه لم يسمح للجنس الأنثوي أن يلعب دوره الحقيقي في الحياة. مع مطلع القرن الواحد والعشرين كنا نتحدث عن المرأة ونطالب بحقوقها ومتطلباتها، تناقشنا في المنتديات أنه لا أحد في الحياة مستقل عن هذا الوجود، فكما أنت بحاجة للوجود فالوجود هو أيضاً بحاجة إليك، إذ ليس بمقدورك أن تكون مستقلاً عن محيطك، والمرأة جزء من هذا المحيط والمجتمع في أمس الحاجة إليها. يوجد فوارق طبيعية بين الرجل والمرأة ليس لها علاقة بهضم الحقوق؛ المرأة أكثر عطفاً من الرجل، وأكثر ليناً، تملؤها السكينة، وهي قادرة على الانتظار. بينما الرجل؛ تغلب عليه الغلظة، أكثر قسوة، سريع الاندفاع، قليل الصبر. هذه الفوارق يفترض أن تجعل الرجل والمرأة يتجاذبان في نظر بعضهما بعضاً، وتصعب المقارنة بين الرجل والمرأة، فهما فريدان، والتقاء الفريدين يخلق حياة. غير أن الرجل جعل من المرأة تبعية تنفيذية، وأخذ يلجأ إلى جميع الأساليب لإدانتها، كي يحافظ على تفوقه عليها. كان الرجل يعامل المرأة معاملة مهينة، وحتى أسوأ من مهينة. ففي الغرب كانت تعامل معاملة خادمة ووسيلة لقضاء وطر، وفي الشرق ظلوا يعتقدون خلال سنين طويلة أن المرأة ليس لها نفس، وكان بمقدور الزوج أن يقتلها ولا يعاقب على ذلك، لأنها كانت من ضمن ملكيته، فهو إن شاء يستطيع أن يحطم أثاث منزله، وهذا ليس مخالفاً للقانون، وكان إذا مات الرجل على زوجته أن تموت بعده. وفي الشرق الأوسط حرم الرجل المرأة من إمكانية التعلم، ومنعها من الانخراط في المجتمع وعيش حياة فاعلة ونشيطة، وجعلها مخفية، كي لا يرى أحد جمال وجهها وعمق عينيها غير زوجها. أما اليوم، فيبدو أن المرأة عثرت على نفسها وتريد أن تنتقم، إنه زمن اندفاع المرأة، زمن العاطفة الجياشة، والعاطفة لا تعني الضعف والخنوع، بل الحلم والصبر، لذا نرى أنها نالت على كامل حقوقها، وتخطتها، وسن قوانين إضافية لحمايتها، طغت - شيء ما - على كل الأدوار والأعمال، في التعليم، في الطب، في الإعلام، في الهندسة، في الإدارة، في الورشة، وتعمل أيضاً في المهن الشاقة، صار لها دور أكثر من فاعل، 95% من الوظائف مصفوفة للمرأة، إنها تتخطى الرجل وتبرز في أغلب الأعمال، فيما يفرض غرامات على ذلك المسكين. المفارقة هنا هي أن الرجل خفض من سرعة اندفاعه، ولا بأس لو قام بمهام وأعمال كانت محسوبة على المرأة؛ تسلل إلى المطبخ، وغسيل الملابس، والنظافة، والتربية الأسرية، تبدلت سيكولوجيته، وأصبح له مسار آخر، صار الوصف الوظيفي لا يخدمه، فلا يجد له عملاً، ينتظر من المرأة أن تتقدم وترتبط به وتطلب يده، ولا يمنع أن تدفع له المهر، لأنه عاطل، وتشتري له سيارة، لأنه مفلس، كي يعيش حياة كريمة (ويتستت في بيته). البيوت امتلأت بالذكور، وغاصت الأسواق بالإناث، المرأة تبيع، المرأة تشتري، المرأة تدفع، المرأة تقبض، المرأة مدير، المرأة عامل. أين الرجل؟ تحول. قوة العاطفة اكتسحت العالم. الرجل يقترب من العطالة وعليه المطالبة بحقوقه، إنها سنة الحياة.