الأعمال المشاركة تركز على ثيمة الأهرامات وفق منظور حداثي جديد «الهرم الشفاف» عمل فني سعودي أبدعه راشد الشعشعي ويبدو قطعة من الجمال

انطلاق النسخة الثالثة من معرض “الأبد هو الآن” بمشاركة سعودية مميزة.

انطلقت النسخة الثالثة من فعاليات معرض “الأبد هو الآن” الذي يُقام سنويًا في منطقة أهرامات الجيزة المصرية والهضبة المحيطة بها، ويضم أعمال فنية مميزة لفنانين من المنطقة العربية ومن العالم، وقد ركزت نسخة هذا العام على التأمّل في عجائب الحضارة المصرية القديمة من خلال رؤية فنية للمشاركين تعبر عن اهتماماتهم ومخاوفهم وشغفهم في وقتنا الحاضر، كما برزت ثيمة الأهرامات والمعابد وفق منظور حداثي جديد خلال الأعمال المشاركة في المعرض. أعمال معاصرة بنكهة الماضي يُقام المعرض خلال الفترة من 26 أكتوبر إلى 18 نوفمبر، ويضمّ فنانين من مصر والسعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا والبحرين والبرازيل والأرجنتين وهولندا واليونان والإمارات وبريطانيا، وقد ركز الفنانون المشاركون على استعمال خامات مستلهمة من البيئة المعاصرة، مثل الأخشاب الورق والزجاج والمعادن، إلى جانب مواد مأخوذة من النفايات التي يُمكن إعادة استخدامها وتدويرها، وذلك في إطار تضمين المعرض للأعمال الفنية المعاصرة المستلهمة من عناصر الأرض والتاريخ والحضارة الإنسانية والتي تنتمي إلى ما يعرف بالتركيبات الفنية ومجسمات الفراغ، ويتم عرض الأعمال عبر نصف قوس حول الأهرامات، في محاولة لجعلها تتسم بالتحليق في آفاق الفانتازيا وكسر المألوف واستغلال المساحات المتاحة لخلق أفكار مبتكرة بأحجام كبيرة نسبيًا. قالت نادين عبد الغفار، مديرة مؤسسة “أرت دي إيجيبت”، وهي الجهة القائمة على تنظيم المعرض بالتعاون مع منظمة اليونسكو ووزارتي الخارجية والسياحة والآثار بمصر، إن “دورة هذا العام تشهد الكثير من ملامح التجديد التي لم نرها في الدورتين السابقتين، فعلى سبيل المثال هناك زيادة ملحوظة في عدد المشاركين، حيث وصل العدد إلى 14 فنانًا، كما أننا اكتسبنا ثقة العديد من شركائنا الدوليين وهو ما جعل الحدث أكثر رسوخًا، وقد انعكس نجاح النسختين السابقتين على النسخة الجديدة، وبات المعرض مصدر جذب للمزيد من الجمهور، لا سيما الشريحة الجماهيرية التي ترغب في رؤية نوعية مختلفة من الفن”. مشاركة خليجية قوية تميزت نسخة هذا العام من المعرض بمشاركة خليجية قوية، حيث يشارك 3 فنانين؛ هم السعودي راشد الشعشعي، والبحريني راشد آل خليفة، والإماراتية عزة القبيسي، حيث يشارك راشد الشعشعي بعمل عنوانه “الهرم الشفاف”، استخدم خلاله حرفة نسج الخوص، وهي حرفة مصرية قديمة، ويهدف من وراء العمل إلى تكريم تاريخ الأهرامات مع تقديم تفسير معاصر لتأثيرها على عمليات التنمية في منطقتنا، وللتأكيد على قيمة الحفاظ على الأساليب التقليدية مع تبني الابتكار والإبداع، ويهدف أسلوب التثبيت إلى الدعوة إلى الممارسات المستدامة التي تم استخدامها لعدة قرون، ووفقًا للصفحة الرسمية لمؤسسة “أرت دي إيجيبت” فإنه يمكن وصف العمل بأنه “عبارة عن رقصة بين الماضي والحاضر، مما يطمس الخطوط الفاصلة بين التقليدية والحديثة، ويجدد تصوراتنا للفن والتراث والعلوم والممارسات المستدامة”، أبعاد العمل هي 6×8×8 م ويندرج تحت تصنيف تركيب الوسائط المختلطة. أما الفنان راشد آل خليفة فقد شارك بعمل عنوانه “الحقيقة خالدة”، حيث يتلاعب بمفهوم الزمن والاكتشاف المتأثر بالأساطير القديمة، ويخلق آل خليفة شظايا متاهة، آثارًا تخرج من الأرض، مائلة بزوايا مختلفة، وتعرض كل قطعة زخارف مختلفة مستوحاة من مخطط المتاهة المصرية الذي قدمه العالم اليسوعي أنثناسيوس كيرشر في القرن السابع عشر في كتابه توريس بابل (1679م)، وتتأكسد الزخارف المثقبة على الجزء الخارجي من النحاس والنحاس بشكل جميل وتلقي ظلال الضوء على الأرض، أما الفنانة عزة القبيسي فعملها الفني يحمل اسم “كنوز”، وهو عبارة عن قطعة تمثل رحلة تلتقط بسهولة أسرار وأشكال وأنماط وملمس المناظر الطبيعية الصحراوية، وتتصادم مع الذكريات الثقافية والقصص والزخارف من الماضي، ويستخدم العمل مواد تعكس الطبيعة المحيطة من خلال الألوان الترابية، فهو يسمح للمشاهدين بالانغماس في تجربة المشي بين العمل الفني وخطوط الكثبان الرملية للوصول إلى الهرم بينما يرون انعكاسهم وكأنه رحلة داخلية في حياتهم الخاصة. أعمـال لافـتـة من الأعمال اللافتة الأخرى في المعرض نجد “كما في الأعلى، كذلك في الأسفل (قبة السماء المرصعة بالنجوم)” للفنان محمد البنوي، وهو عمل فني مستوحى من القوانين الكونية في مصر القديمة التي تجمع بين الحياة المادية والحياة الروحية بالإضافة إلى اعترافات الإلهة المصرية ماعت التي تشكل قوانين التوازن والانسجام، وتنقذ العالم من الفوضى والظلام، وكذلك العمل الفني “الأفق” للفنان اليوناني كوستاس فاروتسوس، والذي يركز على العلاقة بين نهر النيل وهضبة أهرامات الجيزة، ويؤكد على الإسقاط الذي تعطيه أهرامات الجيزة للعالم، حيث يحدد الأفق الجديد من خلال 8 دوائر يدور فيها العالم، وتكمن أهمية هذا العمل الفني في الاتصال بين جميع العناصر الطبيعية للمنطقة المحيطة، أما مفهوم الأفق فتحدده المساحة ولكنه في نفس الوقت محدد بالموقف تجاه الحياة. من الأعمال المشاركة أيضا “بوابة المرآة” للفنانة الأرجنتينية بيلار زيتا، وهو عمل مستوحى من التصوف المصري القديم باستخدام مادة الحجر الجيري، حيث يؤدي مسار رقعة الشطرنج، وهو رمز للازدواجية، إلى بيضة مرآة، ترمز إلى إمكانات كل الأشياء واستكشاف العقل الباطن لدى المرء، وبجوار التركيب يوجد هرم من الحجر الجيري وكرة يخلقان تباينًا بين العوالم الزمنية، أما “مرصد ميتا أويكو” فهو عمل مميز من تصميم الفنان البرازيلي أرتور ليسشر، والفكرة الرئيسية للمرصد هي عكس المقاييس للنظر إلى البانوراما الرائعة للأهرامات من وجهة نظر مختلفة وكذلك النظر إلى المقياس البشري من إطار جديد، باستخدام الجزء الداخلي للأهرامات كمرجع.