د. الشطي يرصد حركة الشعر في (الكويت).
صدر حديثا كتاب بعنوان ( تاريخ الشعر في الكويت ) بطبعته الأولى عام 2020م /1441هـ عن (منشورات ذات السلاسل) لمؤلفه الأستاذ الدكتور / سليمان الشطي, الكاتب والناقد والأديب الكويتي المعروف. ويقع الكتاب في حدود 190 صفحة من القطع العادي, تناول خلالها الباحث/ المؤلف مسيرة (الشعر العربي) بدولة الكويت الشقيقة , منذ نشأته وظهور بواكيره الأولى خلال العقد السابع من القرن الثامن عشر الميلادي , ومرورا بالقرنين التاسع عشر ثم القرن العشرين , حتى الوقت الحاضر. ونطالع في الصفحة رقم 13 من الكتاب وتحت عنوان رئيس هو (النشاط الشعري في القرنين الثامن والتاسع عشر) أن المؤلف قد حدد البذرة الأولى لمولد (الشعر الكويتي) متمثلة في الشاعر عثمان بن سند الذي ولد وعاش خلال الفترة المحصورة فيما بين سنة 1766 وسنة 1827م بقوله : « في الفترة التي تم فيها اختيار آل صباح حكاما للكويت , وفي أول عهد الحاكم الثاني الشيخ عبد الله بن صباح 1762, المؤسس المؤثر لنظام الحكم , ولد أول شاعر ينسب للكويت الحديثة هو عثمان بن سند...». وفي الموضع نفسه من الكتاب يتطرق المؤلف لشيء من سيرة هذا الشاعر الكويتي المؤسس , ذاكرا أنه من مواليد جزيرة (فيلكا) وقد انتقل الى مدينة الكويت ليأخذ عن علمائها , ثم يتحدث عن انتقاله الى (الاحساء) فمكة والمدينة , ثم التحاقه بالوجيه (أحمد رزق الأسعد) في الزبارة في (قطر) وتأليفه لكتابه الموسوم بـ ( سبائك العسجد في أخبار أحمد بن رزق الأسعد) ليعود مجددا الى جزيرته ومنها الى البصرة. كما يكشف لنا أيضا عن سعة اهتمام هذا الشاعر الذي لم يكن متوقفا على الشعر فحسب, وانما شملت اهتماماته كذلك جوانب ثقافية وعلمية أخرى في اللغة والتاريخ وعلوم الدين. وفي الصفحات التالية من الكتاب أخذنا المؤلف معه في جولة تاريخية أدبية ماتعة , تحدث من خلالها بتوسع عما مر به (الشعر الكويتي ) من مراحل وتطورات عبر ما يزيد على قرنين من الزمن, واستعرض لنا مجموعة مختارة من (شعراء الكويت) الذين أثروا الحراك الشعري في المنطقة بما كتبوه وألفوه ونشروه من شعر في زمانهم من جيل المؤسسين والرواد , حتى جيل عصر الحداثة وما بعدها في الوقت الراهن., وذكر من هؤلاء : عبد الجليل الطبطبائي وعبد الله الفرج, وهما من مؤسسي حركة الشعر في الكويت قديما – كما هو معروف- اضافة لذكره الى ما أطلق عليهم اسم (شعراء فقهاء ومعلمون) مثل : خالد العدساني وزين العابدين وعبد الله الخلف الدحيان الذين اعتبرهم وأمثالهم الرعيل الثاني في مسيرة (الشعر الكويتي) بعد انحسار جيل التأسيس السابقين لهم. وتحت عنوان جديد آخر هو (تحولات القرن العشرين: سمات العصر) يتطرق المؤلف عن نماذج شعرية جديدة للشعر الكويتي ظهرت على أيدي شعراء كويتيين, كانت لهم بصمة واضحة في تحول مسيرة (الشعر الكويتي) من الطابع التقليدي القديم الى شيء من الجدة في لغة القصيدة الحديثة وأسلوبها, من أبرزهم: صقر الشبيب وخالد الفرج. وهكذا يمضي بنا المؤلف متدرجا بالحديث عن المسيرة الطويلة التي مر بها الشعر في الكويت من القديم الى الحديث , فيما عنونه بـ (بالخروج عن المألوف) ليلقي الضوء على نخبة من شعراء الكويت الذين جددوا لغة القصيدة العربية , شكلا ومضمونا, كان من أبرزهم: فهد العسكر وعبد المحسن الرشيد, حتى وصوله بالحديث الى ما أسماه بـ (جيل التفاعل القومي والاجتماعي) , الذي مثله نخبة جديدة من شعراء الكويت في العصر الحديث, من أمثال: أحمد السقاف وعبدالله أحمد حسين الرومي ومحمد المشاري وعبد الله سنان. ولا ينسى الباحث المؤلف في الجزء الأخير من الكتاب أن يتطرق للحديث عما عنونه بـ (مفصل الحداثة) متحدثا عن آخر تطورات الشعر بدولة الكويت, وتأثر شعرائه بملامح الشعر العربي الحديث في أنحاء متفرقة من الوطن العربي, مثل: أحمد العدواني وعلي السبتي وخالد سعود الزيد ومحمد الفايز وخليفة الوقيان وعبد الله العتيبي ويعقوب السبيعي وسليمان الخليفي. كما لا ينسى أيضا -في الوقت ذاته- أن يأتي على ذكر مساهمة (العنصر النسائي) ودوره البارز في اثراء الحراك الشعري في الكويت في العصر الحديث, ذاكرا بعض الأسماء النسائية في مجال الابداع الشعري مثل :سعاد الصباح وعالية شعيب وغنيمة الحرب وخزنة بورسلي ونورة المليفي وسعدية مفرح وميسون السويدان وغيرهن. واخيرا , في نهاية المطاف يخص المؤلف المعاصرين من شعراء الكويت بالحديث عن تجاربهم الشعرية تحت عنوان (جيل متقدم) الذي استأثر بعدد لا بأس به من مجموع صفحات الكتاب, من أمثال : سالم خدادة ورجاء القحطاني وابراهيم الخالدي ونشمي مهنا ومحمد صرخوه وغيرهم.