اللسانيات التعليمية ..!

وصف الدكتور أحمد حساني اللسانيات التعليمية بأنها ركيزة مهمة في ترقية الملفوظ اللساني عند العملية التعليمية من حيث إنها المجال المتوخى لتطبيق الحصيلة المعرفية للنظرية اللسانية، وذلك باستغلال النتائج العلمية والمعرفية المحققة في مجال البحث اللساني النظري في ترقية طرائق تعليم اللغات للناطقين بها ولغير الناطقين بها. وهناك تعريف للمفهوم على أساس الجنبة التعليمية، وإفادته من الحقول الفكرية الأخرى، فهو العلم الذي يدل على اهتمامه بتعليم اللغات، وتعلمها وطرق اكتسابها، بالتعويل على عدد من العلوم، منها: علم اللسان بمختلف فروعه (اللسانيات العامة)، علم النفس العام، علم النفس اللغوي، علم الاجتماع، علم الاجتماع اللغوي، علم النفس التربوي. ويتضح تحكم عدد من التصورات باللسانيات التعليمية، فتقوم فكرتها على إفادة طريقة التدريس في مادة اللغة من مباحث علم اللسانيات؛ لتكون ممارسة مزجية بين حقلي اللغة والتربية، تمارس في ضوء نقلها من الطريقة الفنية إلى الطريقة العلمية، وتنفتح على المراحل المتنوعة في التعليم، وهذا ما يناسب أن أرشح مصطلح اللسانيات التعليمة؛ لتهتم بإيصال المفاهيم اللسانية إلى المتعلم، بعد التمكين من التحصيل العلمي (الكفاية العلمية)، التي تحتاج إلى الكفاية في الأداء، وبث المفاهيم اللسانية إلى المتلقي (الطالب)، عبر طريقة من طرائق كثيرة، يختارها المعلم على وفق السياق، فلا تقتصر اللسانيات التعليمية على تدريس المفاهيم، بل تدرس كيفية توصيلها، فتحتاج إلى متكلم (معلم) يقظ، ومتلقٍ (طالب) واعٍ، وإن لم يوجد تسعى إلى توعيته، بناء على التوصيف والنقد، والاقتراحات في ضوء معطيات العصر، والثقافة، وعلاقة السلطة بالتخطيط، وبنية المرحلة الدراسية على وفق المثلث التعليمي، المكون من المعلم والمتعلم والمادة العلمية؛ ليتضمن هذا المثلث أسئلة مهمة، تقوم عليها اللسانيات التعليمية، بوصفها إشكاليات: مَن يعلِّم؟ من يتعلم؟ ولماذا نعلِّم؟ وماذا نختار من اللغة لنعلمه؟ وكيف نعلِّم؟ وبماذا نعلِّم؟ فتضمر نسَقَي العلم اللغوي، والطريقة الأدائية. فيكون موضوعها التعرف على المشكلات التعليمية في تعليم مادة اللغة، بعد النظر في محتوى اللغة المقدمة إلى المتعلم، ومحتوى الطريقة التي تبلغ ذلك المحتوى، ثم النظر في تأدية المعلم بهذه الطريقة، وكيفية تطبيقه لها. وترمي اللسانيات التعليمية لعدد من الأهداف، والوظائف تتمثل في وظيفة البناء، والتخطيط في أكثر من بوتقة، أولها المنهج التعليمي، واختيار مفرداته، وتصميمها، ونظرا لأهمية المنهج التعليمي في التعليم، والتأسيس في تعليم اللغات، فإنه لابد من تصميم مفردات المناهج؛ لتحقيق الكفاية اللغوية، التي تمكن المتعلم من تعلم اللغة تعلما صحيحا وإتقانها. الجدير بالذكر أن اللسانيات التعليمية ظهرت بعد أن صادف المتعلمون مشكلات حقيقية في اكتساب اللغة، وتعلم اللغة الأولى والثانية، من جهة المفاهيم والطرائق، فجاءت اللسانيات لتجيب عن بعض هذه الإشكالات، وتضع بعض الحلول، على أساس تطبيقي، أو على أساس جنبة تعليمية، قائمة فكرتها على جنبتين، الأولى الجنبة العلمية، والثانية الجنبة الفنية، أي توافر كفايتين: كفاية علمية، وكفاية أداء، وهنا يتدخل في تنضيجها تخطيط الدولة، المتوزع على دراسة المعجم، والنحو والصرف، والصوت، والنظريات اللسانية الحديثة، وبحسب البيئات الثقافية التي تطرح بها، فتقولب بحسب قوالبها الاجتماعية والثقافية والسياسية. ــــــــــــــــــ اعتمدت هذه المقالة على عدد من المراجع من أهمها: - دراسات في اللسانيات التطبيقية حقل تعليمية اللغات للدكتور أحمد حساني. - علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية للدكتور عبده الراجحي. - التعليمية عند عبد الرحمن الحاج صالح.