الناقدة الإيرانية معصومة التميمي :

هناك اهتمام إيراني بالأدب السعودي .

ذكرت المترجمة الإيرانية من (الاحواز) معصومة التميمي في حوار أجرته معها (مجلة اليمامة) أن النسخة الفارسية المترجمة من رواية ( زائرات الخميس ) للروائية السعودية بدرية البشر لاقت رواجًا واسعًا في إيران، حيث نفدت طبعتها الأولى بسرعة.، وعن أسباب ترجمتها للرواية تقول شعرت أن نقل هذه الرواية إلى الفارسية قد يساهم في خلق حوار ثقافي أوسع حول قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة. وأشارت إلى وجود اهتمام متزايد لدى القارئ الإيراني بالأدب السعودي. على سبيل المثال، تمت ترجمة مجموعة مدن الملح لعبد الرحمن منيف بواسطة أمل نبهاني، وكذلك روايتا القندس وموتٌ صغير لمحمد حسن علوان سبق أن ترجمتُ قصائد للشاعر جاسم الصحيح،.وتعمل حاليًا على ترجمة ديوان (ظمأ أزرق) للشاعرة السعودية حوراء الهميلي، وكذلك رواية (لا تثقوا بامرأة ) للكاتب محمد الفوز. وذكرت أنه كان بودها أن تترجم أعمال الكاتبة رجاء عالم، لكن لم تتمكّن من التواصل معها. وتطمح مستقبلاً إلى تسليط الضوء على أعمال أدبية سعودية أخرى تستحق الوصول إلى القارئ الفارسي وتمنت أن تتاح لها فرصة زيارة معرض الرياض الدولي للكتاب، فهو حدث ثقافي مهم تتابعه باهتمام، ودعت إلى تعزيز جهود الترجمة بين العربية واللغات القريبة وخاصة الفارسية لتقوية الجسور الثقافية والمعرفية بين شعوب المنطقة. وأشادت بمركز الملك عبدالله للترجمة في مد جسر التواصل بين العربية واللغات الأخرى من خلال الترجمة منها وإليها نبذة وسيرة مختصرة معصومة التميمي ترجمة إيرانية من (مواليد 1980، الأهواز – إيران)، مترجمة وباحثة متخصصة في الفكر الترجمي، حاصلة على درجة الماجستير في ترجمة اللغة العربية من جامعة الزهراء في طهران. لدي خبرة واسعة في ترجمة الأعمال الأدبية بين اللغتين الفارسية والعربية، ومن أبرز ترجماتي: مرايا المثنوي، تغريبة القافر، وزائرات الخميس، إلى جانب ترجمات لأعمال شعرية فارسية. أكتب أيضًا في أدب الأطفال واليافعين، كما أتابع نشر دراسات ومقالات في نقد الترجمة. قمت بترجمة أعمال شعرية وسردية من مختلف الدول العربية، منها: الأردن، العراق، سلطنة عمان، ودول أفريقية ناطقة بالعربية. لدي دراسة وترجمة متخصصة في شعر النساء العربيات الحاصلات على جائزة أمير الشعراء، تحت عنوان أميرة الشعراء، بالتعاون مع الشاعرة ليلى كوتي، كما عملت على مشروع مماثل بعنوان أميرة الشعراء الفارسية. - ماذا تعني الترجمة بالنسبة لك ؟ هل المشتركات إلى حد ما بين اللغتين العربية والفارسية دور كبير في تسهيل عملية الترجمة؟ كوني عربية أعيش في مجتمع فارسي، أشعر أنني وُلدت مترجمة، فأنا أترجم كل شيء: أفكاري، معتقداتي، نواياي... لهذا، فإن الترجمة بالنسبة لي ليست مجرد مهنة، بل تجربة شخصية عميقة، وطريقة لفهم الذات والتعبير عنها. ورغم هذا القرب بين اللغتين العربية والفارسية، الذي يسهل أحيانًا عملية الترجمة، فإن العمل الترجمي الفني يتطلب تخصصًا ومهارة عميقة تتجاوز اللغة إلى فهم الثقافة والسياق والأسلوب الأدبي. - لماذا كان خيارك لترجمة رواية بدرية البشر (زائرات الخميس) تحديدا؟ أبحث دائمًا عن أصوات أدبية تعبّر عن تجارب فريدة وبيئات ثقافية مميزة، عن أعمال تحمل هوية محلية واضحة وتقدّم رؤى جديدة وغير تقليدية. وهذا ما وجدته في رواية بدرية البشر. لم تكن الرواية مجرد قصة رومانسية أو عملًا اجتماعيًا فحسب، بل كانت صوتًا مختلفًا يحمل بُعدًا إنسانيًا وتجربة نسائية نابضة من قلب مجتمع غنيّ بتعقيداته الثقافية. أردت أن أنقل هذا الصوت إلى اللغة الفارسية، ليصل إلى قرّاء قد لا تتاح لهم فرصة الاطلاع على مثل هذه التجارب الخليجية. كما أن هناك اهتمامًا واضحًا من القرّاء بالكتب التي تتناول قضايا المرأة العربیة. - هل تواصلتي مع الكاتبة قبل الترجمة، وكيف تجاوزتي صعوبة فهم المفردات للبيئة السعودية؟ “نعم، بحثت عنها عبر الإنترنت وتواصلت معها، وقد رحّبت بالفكرة وأرسلت لي الرواية. أما بالنسبة للهجة السعودية، فلم تكن غريبة عليّ، فأنا عربية، ومنذ طفولتي كنت أشاهد الأفلام وأتابع الأغاني العربية عبر القنوات التلفزيونية. كما أنني أعمل أيضًا في تدريس اللهجات العربية في الجامعة، مما ساعدني على فهم السياق اللغوي والثقافي للنص بسهولة. - كيف كان تلقى النقاد والنخب في إيران للرواية بعد الترجمة؟ وهل وجدت تلقي نقدي أكاديمي لها في كليات اللغة العربية بجامعات إيران؟ رواية زائرات الخميس لاقت رواجًا واسعًا في إيران، حيث نفدت طبعتها الأولى بسرعة، وأبدت جامعات اهتمامًا بها لما تطرحه من قضايا تخص المرأة السعودية. هل تشابه طبيعة المرأة الإيرانية مع المرأة السعودية في مجتمعات محافظة دور في ترجمة رواية (زائرات الخميس). بالتأكيد، هناك أوجه تشابه بين طبيعة المرأة الإيرانية والمرأة السعودية، خاصة من حيث العيش ضمن مجتمعات محافظة تحكمها أعراف اجتماعية ودينية متقاربة وأیضا التمرد علی هذه الأعراف هذا التقاطع في التجربة النسائية كان أحد الأسباب التي جعلتني أشعر بقرب شديد من مضمون رواية زائرات الخميس، وأدركت أن القضايا التي تطرحها الكاتبة يمكن أن تكون مفهومة ومؤثرة أيضًا للقارئ الفارسي.لذلك، شعرت أن نقل هذه الرواية إلى الفارسية قد يساهم في خلق حوار ثقافي أوسع حول قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة - واجهت الرواية انتقادات على وسائل التواصل كيف كانت ردة الفعل في النسخة المترجمة للفارسية؟ رغم النظرة النمطية والعنصرية التي يحملها بعض الإيرانيين، وخصوصًا من الفُرس، تجاه العرب، والتي تعود جذورها إلى أوائل القرن العشرين مع صعود النزعة القومية الفارسية، فإن هذه الصورة بدأت تتغيّر تدريجيًا في السنوات الأخيرة. النظرة السلبية تعزّزت سابقًا بكتابات مفكرين مثل صادق هدايت وعبد الحسين زرين كوب، الذين قدّموا العرب بشكل مهين، معتبرينهم سببًا في تراجع الحضارة الفارسية. لكن مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، وزيارات الإيرانيين إلى دول عربية كالعراق والإمارات، وتزايد التفاعل الثقافي بين المفكرين من الجانبين، بدأت هذه الصور النمطية في التراجع. وقد ظهر ذلك بوضوح في التفاعل الإيجابي مع ترجمة الرواية، التي لم تواجه رفضًا بل لقيت ترحيبًا، خاصة في الأوساط الجامعية المهتمة بالأدب العربي وقضايا المرأة، وهي أوساط يغلب عليها الانفتاح الثقافي بعيدًا عن الهيمنة الدينية أو الأيديولوجية. - هل لديك إطلاع على الأدب السعودي وما هي الكتب ترجمتك في الادب السعودي؟ بالطبع، لديّ اطّلاع واسع على الأدب العربي بشكل عام، والسعودي بشكل خاص، إذ أرى أن الأدب العربي أغنى وأوسع من الأدب الفارسي، سواء من حيث التاريخ أو التأثير. فمثلًا، نجد أن الشاعرين الكبيرين حافظ الشيرازي وسعدي تأثّرا كثيرًا بالأدب العربي والموروث الديني واللغوي العربي. ومن المعروف أن سعدي الشيرازي استلهم من شعر المتنبي، ويتجلّى هذا في بيته الشهير: - سعدیا مرد نكو نام نمیرد هركز مرده آن است كه نامش به نكویی نبرند والذي يوازي في المعنى بيت الإمام الشافعي وكأنه ترجم الشعر شي اكثر من الإستلهام: قد مات قومٌ وما ماتت مكارمهم وعاش قومٌ وهم في الناس أموات، هذا النوع من التأثر والاقتباس جعلني أدرك قيمة وأهمية الأدب العربي. سبق أن ترجمتُ قصائد للشاعر جاسم الصحيح، وأنا معجبة بشعره، لا سيما قصيدة (في الدرب بين كنايتي ومجازي عبرتْ عليّ غزالةٌ أهوازي)، وأحفظ بعضًا من أشعاره. حاليًا أعمل على ترجمة ديوان *ظمأ أزرق* للشاعرة السعودية حوراء الهميلي، وكذلك رواية لا تثقوا بالمرأة للكاتب محمد الفوز. - هل هناك اهتمام من القارئ الإيراني بالأدب السعودي؟ من خلال حركة الترجمة، يمكننا أن نلاحظ وجود اهتمام متزايد لدى القارئ الإيراني بالأدب السعودي. على سبيل المثال، تمت ترجمة مجموعة مدن الملح لعبد الرحمن منيف بواسطة أمل نبهاني، وكذلك روايتا القندس وموتٌ صغير لمحمد حسن علوان. ، إلى جانب أعمال أخرى تعكس تنوع الإنتاج الأدبي والفكري في السعودية - ماهي اشتغالات الأدب النسوي الإيراني، وهل رأيتي تشابها في الأدب النسوي العربي؟ الأدب النسوي الإيراني يركّز على قضايا مثل القمع الاجتماعي، والتمييز، والزواج القسري، وغالباً ما تلجأ الكاتبات إلى الرمزية بسبب الرقابة. أما الأدب النسوي العربي فيتناول قضايا مشابهة كالعنف الأسري والتمييز، لكنه يتميّز بتنوع أكبر في حرية التعبير. ورغم اختلاف السياقات، يشترك الأدبان في التعبير عن نضال المرأة من أجل حقوقها. - قلتي في لقاء أن الترجمة جسر للتواصل بين الشعوب هل لأنك تجمعين بين الثقافتين العربية والفارسية أردتي الوصل بينهما ؟ الترجمة بالنسبة لي ليست مجرد عبور لغوي، بل هي لقاء إنساني وثقافي، حيث تتلاقى التجارب وتتماسّ التصورات المختلفة عن العالم. تتحوّل اللغة من جدارٍ يفصل إلى جسرٍ يصل. الترجمة تتيح لنا أن نكتشف الآخر، وفي الوقت ذاته، نُعيد اكتشاف أنفسنا وتصحيح الصور النمطية التي قد نحملها عنه أو يحملها عنا. - يُقال إنّ ترجمة الأدب العربي المعاصر إلى الفارسية ما تزال محدودة في إيران، ويُعزى ذلك إلى قلة المترجمين المتخصصين في هذا المجال. كيف تنظرين إلى هذا الرأي؟ وبرأيك، ما العوامل التي تحول دون تعزيز التبادل الأدبي بين اللغتين والثقافتين؟ ربما من أهم الأسباب أن اللغة العربية رغم مكانتها الدينية والثقافية لم تكن لغة استعمار ولهذا لم تفرض على الشعوب الأخرى كلغة علم أو ثقافة كما حدث مع اللغات الاستعمارية الكبرى. هذا الأمر جعل انتشارها خارج إطارها الجغرافي والثقافي محدودا مما أثر على حركة الترجمة منها وإليها خاصة إلى اللغات المجاورة التي تتشارك معها في التاريخ والجغرافيا. إضافة إلى ذلك هناك نزعة للتركيز على الترجمة إلى اللغات الغربية نظرا لمكانتها في النظام العالمي الحالي بينما تبقى الترجمة إلى اللغات الإقليمية محدودة رغم أنها قد تكون أكثر فائدة في تعزيز التفاهم والتقارب بين الشعوب المتجاورة. لذا من الضروري أن نعزز جهود الترجمة بين العربية واللغات القريبة وخاصة الفارسية لتقوية الجسور الثقافية والمعرفية بين شعوب المنطقة. - هل الأدب الأهوازي بحكم هويته العربية يختلف عن الفارسي؟ من أهم الادباء والشعراء والمترجمین؟ نعم، الأدب الأهوازي يختلف عن الأدب الفارسي من حيث الهوية واللغة والطابع الثقافي. فهو أدب عربي بامتياز، يعكس البيئة المحلية، والموروث العربي في الأهواز، سواء على مستوى اللغة أو الموضوعات أو الأساليب التعبيرية. يحمل هذا الأدب خصوصية ثقافية واضحة تميّزه عن الأدب الفارسي، رغم التداخل الجغرافي. وقد برز في الساحة الأدبية الأهوازية عدد من الكتّاب والمبدعين في مختلف الحقول، من أبرزهم في الرواية: الدكتور رضا أنستة ، وفي الشعر الفصيح: الدكتور عبدالعزيز حمادي، الذي تأهّل للمرحلة الأولى في مسابقة أمير الشعراء، إلى جانب الشاعر مصطفى غافلي. أما في الهايكو، فيُعد توفيق النصاري من أبرز الأسماء، وفي الشعر النبطي برز سعود الحربي، الذي تأهّل لمسابقة شاعر المليون. في مجال الدراسات الأكاديمية والعلمية لدينا الدكتور عبدعلي الديلمي، وفي الترجمة إلى العربية: كاظم آل ياسين، والدكتور حسين علوي طرفي، بينما تتولى الترجمة إلى الإنجليزية فاطمة ساعدي. وفي الشعر وفي الرواية الفارسية شيما عرشيان وهادي الهیالي. كما أن في مجال أدب الطفل هناك حضور مميز للكاتبة فاطمة التميمي، إلى جانب طاقات شابة واعدة تستحق الدعم والاهتمام. - ترجمتي المثنوي لجلال الدين الرومي للعربية، هل فكرتي بترجمة المتنبي إلى الفارسية؟ لقد قام الصديق الدكتور عبدعلي ديلمي بترجمة المتنبي - لديك مشروع لترجمة الدراسات النقدية؟ ممكن الإيضاح أكثر ؟ أعمل حاليًا على مشروع ترجمة دراسات نقدية بالتعاون مع أستاذتي الدكتورة رقية رستم بور ملكي، ونوشك على الانتهاء من ترجمة كتاب “الفكر الترجمي” للدكتور عيساني بالقاسم، وهو من أبرز المؤلفات في هذا المجال. من المقرر نشره قريبًا عن دار جامعة الزهراء في طهران، ليُعتمد لاحقًا كمقرر دراسي لطلبة الترجمة. - لك تجربة في ترجمة سيناريو لفيلم إماراتي هل ستتكرر التجربة مع دول خليجية؟ نعم، بناءً على طلب المخرجة هستي محمايي، قمتُ بترجمة سيناريو طويل يتكوّن من 140 صفحة إلى “الرَّمسة” الإماراتية، وهي تجربة كانت ثرية ومميزة بالنسبة لي. وبالتأكيد، أرحب بتكرار هذه التجربة مع دول خليجية أخرى، خاصةً أنني متمكنة من هذا النوع من الترجمة، وأجد في اللهجات الخليجية مادة غنية وممتعة للعمل عليها. - هل زرتي معارض خليجية للكتب، وماهي إمكانية زيارتك لمعرض الرياض الدولي للكتاب؟ كان بودّي أن أترجم أعمال الكاتبة رجاء عالم، لكنني لم أتمكّن من التواصل معها رغم محاولاتي وبحثي. أطمح مستقبلاً إلى تسليط الضوء على أعمال أدبية سعودية أخرى تستحق الوصول إلى القارئ الفارسي. أما بخصوص معارض الكتب، فثمة سياسات معينة وأحياناً ظروف اقتصادية تحدّ من مشاركتنا في بعض المعارض الخليجية، لكنني أتمنى أن تتاح لي فرصة زيارة معرض الرياض الدولي للكتاب، فهو حدث ثقافي مهم أتابعه باهتمام، واالتواصل مع مركز الملك عبدالله للترجمة لتحقيق التقارب الأدبي والثقافي بين السعودية وإيران من خلال الترجمة للغتين العربية والفارسية.